يأمرُ اللهُ -تعالى- المؤمنين بالمحافظة على الصَّلوات الخمس والصَّلاةِ الوسطى؛ وهي: صلاةُ العصرِ على الصحيح من أقوال المفسرين (١)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في المشركين:((شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأَ اللهُ أَجوافهم وقبورهم نارًا)) (٢). وعطفُها على الصلوات من عَطف الخاصِّ على العام، وهذا يقتضي الأَمر بالمحافظة عليها مرَّتين، وسُمِّيت وسطى؛ قيل: من الوسط؛ بمعنى: الخيار، فيكون معنى الوسطى: الفُضلى، وقيل: لتوسُّطها بين صلاة النهار وصلاة الليل (٣).
والمحافظةُ على الصلوات هي المداومةُ عليها في أوقاتها وبشروطها كما صلَّاها النبيُّ صلى الله عليه وسلم.
وقولُه: {وَقُومُوا لِلّهِ قَانِتِين (٢٣٨)}: أَي: أَدُّوا الصلاةَ قيامًا طاعةً لله قانتين؛ أي: خاضعين خاشعين ساكتين لا تتكلمون بشيءٍ من كلام الناس، ومن القنوت في الصلاة: تركُ الكلامِ، وفي الصحيح عن زيد بن أَرقم رضي الله عنه قال: «كنَّا نتكلَّمُ في الصلاة، يُكلِّمُ الرجلُ صاحبَه وهو إلى جنبه في الصلاة، حتى نزلت {وَقُومُوا لِلّهِ قَانِتِين (٢٣٨)}، فأُمرنا بالسكوت ونُهينا عن الكلام» (٤).
(١) وهو قول الجمهور. ينظر: «تفسير الطبري» (٤/ ٣٤٢ - ٣٥٩)، (٤/ ٣٧٢ - ٣٧٥)، و «تفسير البغوي» (١/ ٢٨٨)، و «المحرر الوجيز» (١/ ٥٩٩ - ٦٠٠)، و «تفسير ابن كثير» (١/ ٦٤٥). (٢) أخرجه البخاري (٢٩٣١) (٤٥٣٣)، ومسلم (٦٢٧) عن علي رضي الله عنه، وأخرجه مسلم (٦٢٨) عن عبد الله بن مسعود، واللفظ له. (٣) وهذا مبني على الخلاف السابق في تعيينها. ينظر: «تفسير الطبري» (٤/ ٣٧٥)، و «الكشاف» (١/ ٤٦٥)، و «المحرر الوجيز» (١/ ٥٩٨ - ٦٠٠)، و «زاد المسير» (١/ ٢١٥ - ٢١٦)، و «التحرير والتنوير» (٢/ ٤٦٧). (٤) أخرجه البخاري (١٢٠٠)، و (٤٥٣٤)، ومسلم (٥٣٩) واللفظ له.