يخبر تعالى أنَّ من اليهود فريقًا آخر هم أُمِّيُّون لا يفهمون معاني كتابهم التوراة، فلا يعلمون منها إلَّا التلاوة، وهو معنى {أَمَانِيَّ}، فهم يعلمون ألفاظها، ولا يعلمون معانيها، إلَّا ظنٌّ يظنونه، وهؤلاء هم عوامهم، وهذا على أحد القولين في تفسير:{أَمَانِيَّ}؛ وهو أنَّ {أَمَانِيَّ} جمع أمنية؛ أي: قراءة (١)، وضعَّفَ ابنُ جرير هذا القولَ (٢) وكذا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي (٣)، وقالوا: أنَّ هذا يناقض قوله: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ}، والأُميُّ هو الذي لا يقرأ ولا يكتب، فكيف مع ذلك يوصفون بالعلم بقراءة الكتاب؟ والاستثناء على هذا القول متصلٌ.
والقول الثاني في الأماني: أنها الأحاديثُ الباطلةُ والتَّخرُّصات والتشهِّيات التي يُمنُّون بها أنفسهم (٤)، ومن ذلك قولهم:{لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى}، قال الله:{تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ}[البقرة: ١١١].