يخبر -تعالى- أن لكلِّ أمةٍ جهة؛ أي: قِبلة يتوجَّهُ إليها ويستقبلُها؛ فالمعنى: لكلٍ قبلة (١)، فتشبه هذه الآية قوله تعالى:{لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}[المائدة: ٤٨](٢).
ثم يأمر -تعالى- بالتسابق إلى الخيرات وهي الأعمال الصالحة المُفضية إلى الجنَّات، ثم يخبر -تعالى- عن كمال قدرته وأنه سيَجمعُ العبادَ ليومِ المعاد فيأتي بهم من أيِّ مكانٍ كانوا فيه؛ فقال تعالى: {أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير (١٤٨)}.
{وَلِكُلٍّ} من الأمم {وِجْهَة} قبلة {هُوَ مُوَلِّيهَا} وجهَه في صلاته. وفي قراءة:{مُوَلَّاهَا}(٣). {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَات} بادروا إلى الطاعات وقبولِها {أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللَّه جَمِيعًا} يجمعكم يوم القيامة فيجازيكم بأعمالكم {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلُّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
* * *
(١) وهو قول ابن عباس، ومجاهد في أحد قوليه، وأبي العالية وجماعة، واختاره الطبري والبغوي والقرطبي في آخرين. ينظر: «تفسير الطبري» (٢/ ٦٧٤ - ٦٧٧)، و «تفسير البغوي» (١/ ١٦٤)، و «المحرر الوجيز» (١/ ٣٧٩ - ٣٨٠)، و «تفسير القرطبي» (٢/ ١٦٤)، و «تفسير ابن كثير» (١/ ٤٦٢). (٢) قاله الواحدي في «التفسير البسيط» (٣/ ٤٠٥)، والجرجاني في «درج الدرر» (١/ ٣١٨)، وابن كثير في تفسيره (١/ ٤٦٣). (٣) قرأ ابن عامر وحده: {هُوَ مُوَلَّاهَا} بفتح اللام. وقرأ الباقون {هُوَ مُوَلِّيهَا} بكسر اللام. ينظر: «السبعة في القراءات» (ص ١٧٨)، و «النشر» (٢/ ٢٢٣).