يذكر تعالى في هذه الآية بعض أقوال اليهود الباطلة؛ التي افتروها على الله، وهو قولهم:{لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً}؛ أي: قليلة، وفي معنى هذه الآية قوله تعالى في آل عمران: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٢٤)} [آل عمران: ٢٤]، وقد أكذبهم الله في الآية التالية بقوله: {أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٨٢)}.
وقوله تعالى: {قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٨٠)}: الاستفهام للإنكار الذي يؤول إلى النفي. و {أَمْ} هي: المنقطعة المؤولة بـ «بل» وهمزة الاستفهام، فالمعنى: بل أتقولون على الله ما لا تعلمون؟ (١)، وهذا استفهام توبيخٍ لهم على افترائهم الكذب على الله، ومَن قال على الله بغير علم فهو مفترٍ كذاب.
{وَقَالُوا} لَمَّا وعدهم النبيُّ النارَ {لَنْ تَمَسَّنَا} تُصيبنا {النَّارُ إلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً} قليلةً، أربعين [يومًا](٢)، مدَّة عبادة آبائهم العجل ثم تزول {قُلْ} لهم يا محمد {أَتَّخَذْتُمْ} حذف منه همزة الوصل استغناءً بهمزة الاستفهام {عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا} ميثاقًا منه بذلك {فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ} به؟ لا {أَمْ} بل {تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}.
(١) ينظر: «الكشاف» (١/ ٢٨٩)، و «البحر المحيط» (١/ ٤٤٨ - ٤٤٩). (٢) ما بين معكوفتين مثبتة في طبعة دار السلام وابن كثير وحاشية الصاوي، وأثبتها شيخنا وقال: «لا بد منها».