هذا خطابٌ من الله لعباده المؤمنين؛ لإعلامهم بحُكمٍ كتبه اللهُ عليهم وهو القصاص في القتلى، ومعنى الآية عند جمهور العلماء من المفسرين وغيرهم: هو وجوبُ القصاص على القاتل عمدًا عدوانًا (١)، وأنَّ ذلك حقٌّ لأولياء المقتول، فمَن شاء أَخذ به ومَن شاء عفا عن القصاص إلى الدِّية أو مجانًا؛ فقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ}: خطابٌ لكلِّ مَنْ وجبَ عليه القصاصُ، ولولاة الأمر في تنفيذه.
{كُتِبَ عَلَيْكُمُ}: أَي كتب اللهُ عليكم؛ أي: أَوجب، و {الْقِصَاصُ} في اللغة: مأخوذٌ من قَصِّ الأَثرِ، وهو تتبُّعه (٢)، وفي الشرع: قتلُ القاتل، وأَن يُفعَل به نظير ما فعله بالمقتول.
وقوله:{فِي الْقَتْلَى}: جمعُ قتيلٍ، والمعنى: في شأن القتلى، وهذا الحكمُ مجمَلٌ فصَّله بقوله:{الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى}، ومعنى الآية: أَنَّ الحرَّ القاتل يُقتَلُ بالحر، ومفهومه: أنه لا يُقتَل بالعبد، وأَنَّ العبدَ القاتلَ يُقتَلُ بالعبد، ومن باب أولى أَنْ يُقتَلَ بالحرِّ، وأَنَّ المرأة القاتلة تُقتَلُ بالمرأة، ومن
(١) ينظر: «تفسير الطبري» (٣/ ٩٤) (٣/ ٩٥)، وابن أبي حاتم (١/ ٢٩٣)، و «أسباب النزول» (ص ٤٩)، و «العجاب في بيان الأسباب» (١/ ٤٢٣). (٢) ينظر: «لسان العرب» (٧/ ٧٦).