القول في هذا الظرفِ «إذ» والجملةِ المضافِ إليها؛ كالقول في نظائرِه فيما تقدَّم من الآيات وفيما يأتي، فالتقديرُ: اذكروا وقتَ قلنا لآبائكم: {ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ}، وهي بيتُ المقدسِ (١)، وهي الأرضُ المقدَّسةُ المذكورةُ في سورة المائدة، وكانت كثيرةَ الخيرات من أنواع الفواكه والثمار، ولهذا قال:{فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا}؛ أي: رزقًا واسعًا هنيئًا (٢).
{وَادْخُلُوا الْبَابَ}: أي باب القرية.
{سُجَّدًا}: أي رُكَّعًا خضوعًا لله.
{وَقُولُوا حِطَّةٌ}: أي مسألتنا حطة؛ المعنى: أن تحطَّ عنا خطايانا.
{نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ}: وعدٌ لهم بمغفرة ذنوبهم إذا استغفروا الله، وسألوه أن يحطَّ عنهم الخطايا. {وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (٥٨)}: بفعل الأعمالِ الصالحةِ الخالصةِ لله الموافقةِ لشرعه، والمحسنين إلى عباده، وهذا وعدٌ بالزيادة على المغفرة يزيدهم أجرًا عظيمًا.
{وَإِذْ قُلْنَا} لهم بعد خروجهم من التيه: {اُدْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَة} بيتَ المقدس أو أريحا {فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا} واسعًا لا حَجْر فيه {وَادْخُلُوا الْبَاب} أي: بابها {سُجَّدًا} مُنحنينَ {وَقُولُوا}: مسألتنا
(١) وهو قول قتادة والسدي والربيع بن أنس، واختاره الطبري وابن كثير. ينظر: «تفسير الطبري» (١/ ٧١٢ - ٧١٣)، و «تفسير ابن أبي حاتم» (١/ ١١٦)، و «تفسير ابن كثير» (١/ ٢٧٣). (٢) ينظر: «غريب القرآن» لابن قتيبة (ص ٤٦)، و «المفردات» للراغب (ص ٣٥٨).