يُخبر تعالى عبادَه المؤمنين بأنه كتبَ عليهم الصيامَ كما كتبه على الذين من قبلهم من أَتباع الأنبياء؛ كموسى وعيسى. والصيامُ في اللغة: الإمساك (١)، وفي الشرع: إمساكٌ عن أشياءَ مخصوصةٍ مبيَّنةٍ من طلوع الفجر إلى غروب الشمس (٢).
و {كُتِبَ} معناه: فُرض كما تقدَّم. وقوله: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون (١٨٣)}: بيانٌ للحكمة من فرض الصيام؛ أي: لتتقوا اللهَ بفعل ما فَرض عليكم من الصيام وغيره، ولأنَّ الصومَ مما يُعين على التقوى. وقوله:{أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ}: ظرفٌ، فالمعنى: كُتب عليكم الصيامُ في أيامٍ معدوداتٍ، ووصْفُ الأيامِ بمعدوداتٍ يدلُّ على القِلَّة، وهو من وجوه التيسير في هذه الفريضة، وسيأتي تعيينُ هذه الأيام في قوله تعالى:{شَهْرُ رَمَضَانَ}.
وقوله تعالى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ}: معناه: مَنْ كان مريضًا وقتَ الصيامِ، أو كان مسافرًا فأفطرا لأنه يُباح لهما ذلك؛ فعلى مَنْ أَفطر عِدَّةٌ {مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}؛ أي: فعليه عدَّةُ الأيام التي أفطر فيها من أَيامٍ أُخر، ومعناه: وجوبُ قضاءِ الأيامِ التي أَفطر فيها المريضُ أو المسافرُ.
وقوله تعالى:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}: أَي: وعلى الذين يُطيقون الصيامَ فِديةٌ؛ أي: بدلٌ عن الصيام طعامُ مسكينٍ عن كلِّ يومٍ.