وقولُه:(بجدٍّ واجتهادٍ): تفسيرٌ لقوله: {بِقُوَّةٍ}، المعنى: اعملوا بما في التوراة بعزمٍ وصدقِ رغبةٍ لا مع فتورٍ وكسلٍ.
وقولُه:(شيئًا): يُبيِّنُ بذلك أنَّ «ما» المتصلة بـ «بئس»: نكرةٌ في محلِّ نصبٍ على التمييز (١).
وقولُه:(عبادة العجل): هذا هو المخصوصُ بالذمِّ بـ «بئس»، والإيمانُ الذي يأمرُ بذلك ليس بالإيمان الذي يرضاه الله.
وقولُه:(بها كما زعمتم … ) إلى آخره: يريد أنَّ المعنى: إن كنتم مؤمنين بالتوراة كما تزعمون بقولكم: {نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا}، فبئس ما يأمرُكم به إيمانُكم من عبادة العجل، ونسبةُ الأمر إلى الإيمان تهكُّمٌ بهم، ودِلالةٌ على أنَّ الإيمان الحقَّ لا يأمر بعبادة غير الله، فالإيمانُ الذي زعموا باطلٌ (٢).
والخطاب من قوله:{فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ} إلى قوله: {بِئْسَمَا يَأْمُرُكُم بِهِ إيمَانكُمْ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، لليهود الموجودين، تذكيرًا لهم بقبائح أسلافهم، وتحذيرًا لهم من السير على طريقهم.
* * *
(١) تقدم في (ص ١٩٤). (٢) ينظر: «الكشاف» (١/ ٢٩٨)، و «تفسير الرازي» (٣/ ٦٠٥)، و «البحر المحيط» (١/ ٤٩٦).