ب- عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ قَالَ: " إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ فِتَنًا يَكْثُرُ فِيهَا المَالُ، وَيُفْتَحُ فِيهَا القُرْآنُ حَتَّى يَاخُذَهُ المُؤْمِنُ وَالمُنَافِقُ وَالرَّجُلُ وَالمَرْأَةُ وَالصَّغِيرُ وَالكَبِيرُ وَالعَبْدُ وَالحُرُّ! فَيُوشِكُ قَائِلٌ أَنْ يَقُولَ: مَا لِلنَّاسِ لَا يَتَّبِعُونِي وَقَدْ قَرَاتُ القُرْآنَ؟! مَا هُمْ بِمُتَّبِعِيَّ حَتَّى أَبْتَدِعَ لَهُمْ غَيرَهُ! فَإِيَّاكُمْ وَمَا ابْتُدِعَ؛ فَإِنَّ مَا ابْتُدِعَ ضَلَالَةٌ" (١).
ج- عَنْ أَبِي إِدْرِيسٍ الخَولَانِيِّ (٢) أَنَّهُ قَالَ: " لَأَنْ أَرَى فِي جَانِبِ المَسْجِدِ نَارًا لَا أَسْتَطِيعُ إِطْفَاءَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَرَى فِيهِ بِدْعَةً لَا أَسْتَطِيعُ تَغْيِيرَهَا" (٣).
- جُمْلَةٌ مِنَ أَوجُهِ ذَمِّ المُبْتَدِعِ وَبَيَانِ عُقُوبَتِهِ:
١ - حَجْبُ التَّوبَةِ عَنْهُ.
كَمَا فِي الحَدِيثِ «إِنَّ اللهَ حَجَبَ التَّوبَةَ عَنْ كُلِّ صَاحِبِ بِدْعَةٍ حَتَّى يَدَعَ بِدْعَتَهُ» (٤)، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الغَالِبِ حَيثُ إِنَّهُ يُصِرُّ عَلَى بِدْعَتِهِ، وَقَلَّمَا يَرْجِعُ.
قَالَ شَيخُ الإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللهُ: " وَلِهَذَا قَالَ طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ -مِنْهُمْ الثَّورِيُّ-: البِدْعَةُ أَحَبُّ إلَى إبْلِيسَ مِنْ المَعْصِيَةِ؛ لِأَنَّ المَعْصِيَةَ يُتَابُ مِنْهَا وَالبِدْعَةُ لَا يُتَابُ مِنْهَا. وَهَذَا مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْ طَائِفَةٍ أَنَّهُمْ قَالُوا: إنَّ اللَّهَ حَجَرَ التَّوبَةَ عَلَى كُلِّ صَاحِبِ بِدْعَةٍ. بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَتُوبُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ يَحْسَبُ أَنَّهُ عَلَى هُدًى! وَلَو تَابَ؛
(١) صَحِيحٌ. أَبُو دَاوُدَ (٤٦١١) عَنْهُ مَوقُوفًا. صَحِيحُ أَبِي دَاوُدَ (٤٦١١).(٢) مِنَ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ التَّابِعِينَ (ت ٨٠ هـ). (طَبَقَاتُ الحُفَّاظِ) لِلسُّيُوطِيِّ (ص: ٢٦).(٣) كِتَابُ السُّنَّةِ لِلمَرْوَزِيِّ (٣٥).(٤) صَحِيحٌ. الطَّبَرَانِيُّ فِي الأَوسَطِ (٤٢٠٢) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ (٥٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute