أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ»، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ قَالَ: «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الفِرَقَ كُلَّهَا وَلَو أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ المَوتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ» رَوَاهُ البُخَاريُّ (١) (٢).
وَفِي رِوَايَةٍ «فَإِنْ لَمْ تَرَ خَلِيفَةً؛ فَاهْرُبْ فِي الأَرْضِ حَتَّى يُدْرِكَكَ المَوتُ وَأَنْتَ عَاضٌّ عَلَى جِذْلِ (٣) شَجَرَةٍ» (٤).
٣ - الأَدِلَّةُ مِنْ آثَارِ الصَّحَابَة والتَّابِعِينَ، نَذْكُرُ بَعْضًا مِنْهَا:
أ- قَالَ ابْنُ مَسْعُود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: " اتَّبِعُوا وَلَا تَبْتَدِعُوا؛ فَقَدْ كُفِيتُمْ" (٥).
(١) البُخَارِيُّ (٧٠٨٤).(٢) قَالَ الَحافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ: "قَالَ ابْنُ بَطَّال: «مُرَادُ البَابِ الحَضُّ عَلَى الاعْتِصَامِ بِالجَمَاعَةِ، … وَالمُرَادُ بِالجَمَاعَةِ أَهْلُ الحَلِّ وَالعَقْدِ مِنْ كُلِّ عَصْرٍ.وَقَالَ الكِرْمَانِيُّ: مَقْتَضَى الأَمْرِ بِلُزُومِ الجَمَاعَةِ أَنَّهُ يَلْزَمُ المُكَلَّفَ المُتَابَعَةُ لِمَا أَجْمَعَ عَلَيهِ المُجْتَهِدُونَ، وَهُمُ المُرَادُ بِقَولِهِ: وَهُمْ أَهْلُ العِلْمِ". فَتْحُ البَارِي (١٣/ ٣١٦).وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي سُنَنِهِ (٤/ ٣٧): "وَتَفْسِيرُ الجَمَاعَةِ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ هُمْ: أَهْلُ الفِقْهِ وَالعِلْمِ وَالحَدِيثِ".وَقَالَ البُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللهُ في صَحِيحِهِ (٦/ ٢١): "بَابُ قَولِهِ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} وَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِلُزُومِ الجَمَاعَةِ؛ وَهُمْ أَهْلُ العِلْمِ".وَقَالَ أَيضًا رَحِمَهُ اللهُ (٩/ ١٠١): "بَابُ قَولِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ يُقَاتِلُونَ»؛ وَهُمْ أَهْلُ العِلْمِ".وَبَوَّبَ النَّوَويُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ (٩/ ١٠١): "بَابُ وُجُوبِ مُلَازَمَةِ جَمَاعَةِ المُسْلِمِينَ عِنْدَ ظُهُورِ الفِتَنِ، وَفِي كُلِّ حَالٍ، وَتَحْرِيمِ الخُرُوجِ عَلَى الطَّاعَةِ، وَمُفَارَقَةِ الجَمَاعَةِ".(٣) «عَلَى جِذْلٍ: أَصْلِ شَجَرٍ». عَونُ المَعْبُودُ (١١/ ٢١٣).(٤) رَوَاهُ أَبْو دَاود الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ (٤٤٤). الصَّحِيحَةُ (٢٧٣٩).(٥) قَالَ العَجْلُونِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: "رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ (٢١١)، وَقَالَ النَّجْمُ: سَنَدُهُ صَحِيحٌ". كَشْفُ الخَفَاءِ (١/ ٤٤).قُلْتُ: وَالنَّجْمُ هَذَا هُوَ نَجْمُ الدِّينِ الغَزِّيِّ فِي كِتَابِهِ المُسَمَّى (إِتْقَانُ مَا يَحْسُنُ مِنَ الأَخْبَارِ الدَّائِرَةِ عَلَى الأَلْسُنِ). كَمَا بَيَّنَهُ العَجْلُونِيُّ نَفْسُهُ فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِهِ (١/ ٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute