الحَدِيثُ العِشْرُونَ: (إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ)
عَنْ أَبي مَسْعُودٍ البَدْرِيِّ (١) رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ: «إِنَّ مِمَّا أدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الأُولَى: إِذَا لمْ تَسْتَحِ؛ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ». رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٢).
- مَعْنَى الإِدْرَاكِ هُنَا: أَنَّهُ فَشَا فِي النَّاسِ، وَتَنَاقَلُوهُ عَنِ الأَنْبِيَاءِ.
- الحَيَاءُ لُغَةً: تَغَيُّرٌ يَلْحَقُ الإِنْسَانَ مِنْ خَوفِ مَا يُعَابُ بِهِ.
وَشَرْعًا: خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى اجْتِنَابِ القَبِيحِ، وَيَمْنَعُ مِنَ التَّقْصِيرِ فِي حَقِّ ذِي الحَقِّ.
- قَولُهُ: «إِذَا لَمْ تَسْتَحِ» يَحْتَمِلُ مَعْنَيِينِ -وَهُمَا مُتَلَازِمَانِ لِلْمُتَأَمِّلِ-:
١ - إِذَا لَمْ تَكُنْ ذَا حَيَاءٍ صَنَعْتَ مَا شِئْتَ، فَالحَيَاءُ هُنَا عَائِدٌ عَلَى الفَاعِلِ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي لَا يَسْتَحِي، وَقَدْ خَرَجَ الكَلَامُ مَخْرَجَ الذَّمِّ (٣).
٢ - إِذَا كَانَ الفِعْلُ لَا يُسْتَحْيَى مِنْهُ؛ فَاصْنَعْهُ وَلَا تُبَالِ، وَالحَيَاءُ هُنَا عَائِدٌ عَلَى الفِعْلِ أَنَّهُ لَا يُسْتَحْيَى مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا عَيبَ فِيهِ.
(١) هُو عُقْبَةُ بْنُ عَمْرو البَدْرِيُّ الأَنْصَارِيُّ، لَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا وَإِنَّمَا سَكَنَ بَدْرًا، وَرَجَّحَ البُخَارِيُّ شُهُودَهُ. انْظُرْ (فَتْحُ البَارِي) (٧/ ٣١٩) لِابْنِ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ.(٢) البُخَارِيُّ (٣٤٨٤).(٣) كَقَولِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَونَ عَلَينَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيرٌ أَمَّنْ يَاتِي آمِنًا يَومَ القِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [فُصِّلَت: ٤٠].
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute