للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فما كنتُ أخشَى أن أُقِيمَ خِلافهم … لستّةِ أبياتٍ كما ينبت العِتْرُ (١)

فهذا يدلُّ على التفرُّق، وهو وجهٌ جميل فى قياس العِترة.

ومما يُشبهه عِتْرُ المسك، وهى حَصاةٌ تكون (٢) متفرِّقة فيه. ولعلَّ عِتْرُ المِسك أن تكون عربيَّة صحيحة فإنّها غير بعيدة مما ذكرناه، ولم نسمَعْها من عالم.

ومن هذا الأصل قولهم: عَتَرَ الرُّمحُ فهو يَعْتِرُ عَتراً وعَتَرَاناً، إذا اضطَرَبَ وترأَّدَ فى اهتزاز. قال:

وكلّ خطّىٍّ إذا هُزَّ عَتَرْ (٣)

وإنما قلنا إنّه من الباب لأنّه إذا هُزّ خيّل أنّه تتفرّق أجزاؤه. وهذا مشاهَد، فإن صحَّ ما تأوَّلْناه وإلاّ فهو من باب الإبدال يكون من عَسَل، وتكون التاء بدلاً من السينِ والرَّاء بدلاً من اللام.

وممّا يصلح حملُه على هذا: العَتيرة؛ لأنّ دَمها يُعْتَر، أى يُسَالُ حتى يتفرَّق.

قال الخليل: العاتر: الذى يَعْتِرُ شاةً فيذبحُها، كانوا يفعلون ذلك فى الجاهليَّة، يذبحُها ثم يصبُّ دمَها على رأس الصَّنَم، فتلك الشّاةُ هى العَتيرة والمعتورة، والجمع عتائر.

وكان بعضُهم يقول: العتير هو الصنم الذى تُعْتَرُ له العتائر فى رجَب. وأنشد لِزُهير:


(١) البيت للبريق الهذلى، كما فى ديوان الهذليين (٥٩: ٣) واللسان (خلف، عتر). وذكر فى بقية أشعار الهذليين أن قصيدة البيت يرويها الأصمعى لعامر بن سدوس. ويروى:
«وما كنت أخشى أن أعيش خلافهم»
كما فى اللسان (خلف)؛ وفى (عتر) وديوان الهذليين: «بستة أبيات».
(٢) فى الأصل: «فتكون».
(٣) وكذا أنشده فى اللسان (عتر). وللعجاج فى ديوانه ١٨:
فى سلب الغاب إذا هز عتر.