فانطلقت إلى منزلي مكتئبا حزينا، فبينا أنا كذلك، إذ أتاني رجل فقال: أجب أمير المؤمنين. فخرجت، فإذا هو بالباب ينتظرني، فأخذ بيدي، فخلا بي، وقال: ما الذي كرهت مما قال الرجل آنفا؟
فقلت: يا أمير المؤمنين، متى ما يتسارعوا هذِه المسارعة، يحتقُّوا (١)، ومتى ما يحتقُّوا يختصموا، ومتى ما يختصموا يختلفوا، ومتى ما يختلفوا يقتتلوا.
قال: دته أبوك، واللَّه إن كنت لأكتمها الناس حتى جئت بها (٢).
وروي عن جابر بن عبد اللَّه قال: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يعرض نفسه على الناس بالموقف، فيقول:"هَلْ مِنْ رَجُلٍ يَحْمِلُنِي إِلَى قَوْمِهِ، فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلّغَ كَلَامَ رَبِّي"(٣).
وروي عن جبير بن نفير قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنكم لن ترجعوا إلى اللَّه بشيء أفضل مما خرج منه" يعني: القرآن (٤).
(١) احتقَّ القوم: قال كل واحد منهم: الحق في يدي. انظر "لسان العرب" ٢/ ٩٤٠ مادة: (حقق) .. (٢) رواه عبد الرزاق ١١/ ٢١٧ (٢٠٣٦٨). (٣) رواه الإمام أحمد ٣/ ٣٩٠، وأبو داود (٤٧٣٤)، والترمذي (٢٩٢٥)، وابن ماجه (٢٠١)، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب، وصححه الألباني في "الصحيحة" (١٩٤٧). (٤) رواه الترمذي (٢٩١٢) بعد أن قال: وقد روي هذا الحديث عن زيد بن أرطاة، عن جبير بن نفير، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا. ورواه الإمام أحمد في "الزهد" ص ٤٦، وأبو داود في "المراسيل" (٥٣٨)، والخلال في "السنة" ٢/ ٢٨٥ (١٩٦٠). قال البخاري في "خلق أفعال العباد" ص ١٥٠: هذا الخبر لا يصح لإرساله وانقطاعه. وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع" (٢٠٤٢).