اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ينبأ بذلك، فالاقتداء برسول اللَّه، والكف عن ذكر أصحابه فيما شجر بينهم، والترحم عليهم، ونقدم من قدَّمه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، نرضى بمن رضي به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في حياته وبعد موته.
وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي الذِينَ بعثت فيهم، ثُمَّ الذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ، ثُمَّ"(١).
وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَوْ أَنْفَقَ أَحَدَكُمْ ملء الأرض ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ"(٢) فالفضل لهم ودع عنك ذكر ما كانوا فيه.
قال علي رحمه اللَّه: إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان ممن قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {إِخوَانًا عَلَى سُرُرٍ متَقَابِلِينَ}[الحجر: ٤٧](٣)، فعلي يقول هذا لنفسه ولطلحة والزبير، ويترحم عليهم أجمعين، ونحن فلا نذكرهم إلا بما أمرنا اللَّه به {اغفِرْ لَنَا وَلِإِخوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ}[الحشر: ١٠]. وقال عَزَّ وَجَلَّ: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٣٤)} [البقرة: ١٣٤]. ثم قال أبو عبد اللَّه: هذا الطريق الواضح والمنهاج المستوي لمن أراد اللَّه به خيرًا ووفقه، وعصمنا اللَّه وإياكم من كل هلكة برحمته.
(١) رواه الإمام أحمد ٤/ ٤٢٦، والبخاري (٢٦٥١)، ومسلم (٢٥٣٣) من حديث عمران بن الحصين. (٢) رواه أحمد ٣/ ١١، والبخاري (٣٦٧٣)، ومسلم (٢٥٤١)، من حديث أبي سعيد. (٣) رواه ابن أبي شيبة ٧/ ٥٣٩ (٣٧٧٨٤)، وابن أبي عاصم في "السنة" (١٢١٥)، والطبري في "تفسيره" ٧/ ٥٢٠ (٢١٢٠٧)، والطبراني ١/ ٧٩ - ٨٠ (١١١). قال الهيثمي ٩/ ٩٧: رواه الطبراني وفيه عبد المنعم بن بشير ولا يحل الاحتجاج به.