عليهما، أم يعلمان الناس ما لم ينزل عليهما؟ ، فقال: ما أبالي أيتهما كانت» (١).
ثالثاً: أن يتكلم المرء فيما لا يحسن أو يتجاسر على تفسير ما يجهله من آيات الكتاب العزيز، فيؤدي به إلى الإخلال بفهم القرآن الكريم، ولما ذُكر لابن مسعود - رضي الله عنه - تفسير أحد القُصَّاص لبعض الآيات؛ قال حين رأى عدم صحة تفسيره: «إن الله عز وجل قال لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}(٢) وإن من العلم أن يقول الرجل لما لا يعلم: الله أعلم».
ومما يندرج تحته أن يطلب المرء تفسير ما استأثر الله تعالى بعلمه (٣)، فعن الربيع بن خثيم (٤)
قال: «يا عبد الله ما علمك الله في كتابه من علم فاحمد الله، وما استأثر عليك به فكله إلى عالمه، ولا تتكلف، فإن الله يقول لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ
(١) جامع البيان (٢/ ٣٣٦ - ٣٣٧). (٢) سورة ص آية (٨٦). (٣) وذكر ابن عاشور في التحرير والتنوير (٢٣/ ١٩٦) أن المتكلف هو: «الذي يتطلب ما ليس له، أو يدعي علم ما لا يعلمه». (٤) هو أبو يزيد الربيع بن خثيم بن عائذ الثوري الكوفي، الإمام العابد، قال عنه ابن مسعود: «لو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رآك لأحبك»، وكان من أصحابه، وله كلمات مأثورة في الزهد، توفي بالكوفة في إمرة عبيد الله بن زياد.
انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (٦/ ١٢٧)، وحلية الأولياء (٢/ ١٠٥)، والمعارف (ص ٤٩٧).