ثانياً: ألا تعود معرفة تفسير الآية على المرء بفائدة في دينه وآخرته، بحيث يصبح الانشغال ببعض معاني الألفاظ القرآنية من قبيل الترف الفكري، ومن الشواهد:
١ - قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - يوماً:«سلوني، فقام ابن الكواء، فقال: ما السواد الذي في القمر؟ ، فقال له: قاتلك الله! سل تفقهاً ولا تسأل تعنتاً، ألا سألت عن شيء ينفعك في أمر دنياك أو أمر آخرتك؟ ! ، ثم قال: ذاك محو الليل»(١).
وقد علق عليه الآجري بقوله:«وقد كان العلماء قديماً وحديثاً يكرهون عضل المسائل ويردونها، ويأمرون بالسؤال عما يعني؛ خوفاً من المراء والجدال الذي نهوا عنه»(٢).
٢ - وسئل القاسم بن محمد - رحمه الله - عن معنى قوله تعالى:{وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ}(٣)، فقيل له:«أنزل أو لم ينزل؟ ، فقال: لا أبالي أيَّ ذلك كان إلا أني آمنت به»، وفي رواية أنه قيل له: «يعلمان الناس ما أنزل
(١) أخرجه ابن جرير في جامع البيان (١٤/ ٥١٦)، والآجري في الشريعة (ص ٨٠) واللفظ له، وفي أخلاق العلماء (ص ١٠٧)، وابن بطة في الإبانة "الإيمان" (١/ ٤١٨). (٢) الشريعة (٨٠). (٣) سورة البقرة من الآية (١٠٢).