ثانياً: كلام الأقران بعضهم في بعض يكون شديداً أحياناً، فعن القاسم بن أبي بزة قال: «قال لي مجاهد: سل عكرمة عن قوله تعالى: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ}(٢)، فسألته، فقال: الإخصاء، فقال مجاهد: ما له، لعنه الله! ، فو الله لقد علم أنه غير الإخصاء، ثم قال لي: سله، فسألته، فقال عكرمة: ألم تسمع إلى قول الله تبارك وتعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ}(٣)؟ ، قال: لدين الله، فحدثت به مجاهداً، فقال: ما له أخزاه الله! » (٤).
ثالثاً: وقد يصل الأمر إلى التوبيخ حين يشعر الصحابة أن المرء تكلم في القرآن بلا علم، ومن أمثلته:
توبيخ الصحابة - رضي الله عنهم - لجبير بن نفير حين أخطأ في فهم قول الله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}(٥)، وقالوا له بلسان واحد: أتنتزع آية من القرآن لا تعرفها، ولا تدري ما تأويلها؟ ! قال: حتى تمنيت أني لم أكن تكلمت.
(١) كتاب القدر للفريابي (ص ١٨٢، ١٩٨). (٢) سورة النساء من الآية (١١٩). (٣) سورة الروم من الآية (٣٠). (٤) جامع البيان (٧/ ٤٩٥ - ٤٩٦). (٥) سورة المائدة من الآية (١٠٥).