فَقِيْلَ لَهُ: أَيْنَ يُذْهَبُ بِكَ؟ ! هَذَا لِلْحُطَيْئَةِ (١)؟
فَقَالَ: الْآنَ عَلِمْتُ أَنَّي شَاعِرٌ؛ إِذْ وَافَقْتُهُ عَلَى قَوْلِهِ، وَلَمْ أَسْمَعْهُ.
فَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ الثَّانِيَ أَخَذَ مِنَ الْأَوَّلِ: قِيْلَ:
«قَالَ فُلَانٌ كَذَا، وَقَدْ سَبَقَهُ إِلَيْهِ فُلَانٌ، فَقَالَ: كَذَا». فَيُغْتَنَمُ بِذَلِكَ فَضِيْلَةُ الصِّدْقِ، وَيُسْلَمُ مِنْ دَعْوَى الْعِلْمِ بِالْغَيْبِ، وَمِنْ نِسْبَةِ الْغَيْرِ إِلَى النَّقْصِ.
وَاقْتِبَاسٌ يُنْقَلُ: أَيْ مِمَّا يَتَّصِلُ بِالْقَوْلِ فِي السَّرِقَاتِ الشِّعْرِيَّةِ الْقَوْلُ فِي الِاقْتِبَاسِ، وَهُوَ: (أَنْ يُضَمَّنَ الْكَلَامُ - نَثْراً كَانَ أَوْ نَظْماً - شَيْئاً مِنَ الْقُرْآنِ، أَوِ الْحَدِيْثِ، لَا عَلَى أَنَّهُ مِنْهُ) يَعْنِيْ: عَلَى وَجْهٍ لَا يَكُوْنُ فِيْهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ مِنَ الْقُرْآنِ أَوِ الْحَدِيْثِ. وَهَذَا احْتِرَازٌ عَمَّا يُقَالُ فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ: (قَالَ اللهُ تَعَالَى: كَذَا)، (وَقَالَ النَّبِيُّ عَلِيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: كَذَا)، (وَفِي الْحَدِيْثِ: كَذَا)، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
ثُمَّ الِاقْتِبَاسُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ؛ لِأَنَّهُ إِمَّا مِنَ الْكِتَابِ، أَوْ مِنَ السُّنَّةِ، وَعَلَى التَّقْدِيْرَيْنِ إِمَّا أَنْ يَكُوْنَ الْكَلَامُ مَنْثُوْراً أَوْ مَنْظُوْماً.
- فَالْأَوَّلُ: كَقَوْلِ الْحَرِيْرِيِّ: (فَلَمْ يَكُنْ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ، حَتَّى أَنْشَدَ فَأَغْرَبَ) (٢).
- وَالثَّانِيْ: كَقَوْلِ الْآَخَرِ: [السّريع]
إِنْ كُنْتِ أَزْمَعْتِ عَلَى هَجْرِنَا ... مِنْ غَيْرِ مَا جُرْمٍ (فَصَبْرٌ جَمِيْلُ) (٣)
(١) ت نحو ٤٥ هـ. انظر: الأعلام ٢/ ١١٨.(٢) الاقتباس من: (وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) [النّحل: ٧٧](٣) الاقتباس من: {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: ١٨]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute