أَشَدَّ خَفَاءً؛ كَانَ أَقْرَبَ إِلَى الْقَبُوْلِ؛ لِكَوْنِهِ أَبْعَدَ عَنِ الْأَخْذِ وَالسَّرِقَةِ، وَأَدْخَلَ فِي الِابْتِدَاعِ وَالتَّصَرُّفِ (١).
هَذَا الَّذِيْ ذُكِرَ فِي الظَّاهِرِ وَغَيْرِهِ؛ مِنِ ادِّعَاءِ سَبْقِ أَحَدِهِمَا وَاتِّبَاعِ الثَّانِي، وَكَوْنِهِ مَقْبُوْلاً، أَوْ مَرْدُوْداً، أَوْ تَسْمِيَةِ كُلٍّ بِالْأَسَامِي الْمَذْكُوْرَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا سَبَقَ، = كُلُّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَكُوْنُ إِذَا عُلِمَ أَنَّ الثَّانِيَ قَدْ أَخَذَ مِنَ الْأَوَّلِ:
١ - بِأَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ كَانَ يَحفَظُ قَوْلَ الْأَوَّلِ، حِيْنَ نَظَمَ.
٢ - أَوْ بِأَنْ يُخْبِرَ - هُوَ - عَنْ نَفْسِهِ: أَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ.
وَإِلَّا؛ فَلَا يُحْكَمُ بِسَبْقِ أَحَدِهِمَا وَاتِّبَاعِ الْآخَرِ، وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ الْمَذْكُوْرَةُ؛ لِجَوَازِ أَنْ يَكُوْنَ اتِّفَاقُ الْقَائِلَيْنِ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى جَمِيْعاً، أَوْ فِي الْمَعْنَى وَحْدَهُ؛ مِنْ قَبِيْلِ تَوَارُدِ الْخَوَاطِرِ. أَيْ: مَجِيْئِهِ عَلَى سَبِيْلِ الِاتِّفَاقِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إِلَى الْأَخْذِ؛ كَمَا يُحْكَى عَنِ ابْنِ مَيَّادَةَ (٢): أَنَّهُ أَنْشَدَ لِنَفْسِهِ: [الطّويل]
مُفِيْدٌ، وَمِتْلَافٌ، إِذَا مَا أَتَيْتَهُ ... تَهَلَّلَ وَاهْتَزَّ اهْتِزَازَ الْمُهَنَّدِ (٣)
(١) انظر في حاشيتنا على على بيت المتنبّي: [الكامل]أَأُحبُّهُ، وأُحبُّ فيه ملامة؟ ... إنّ المَلامةَ فيه مِن أَعدائهتعليقَ ابن رشيق.(٢) ت ١٤٩ هـ. انظر: الأعلام ٣/ ٣١.(٣) للحطيئة في ديوانه ص ٨٠ برواية: ...كَسوبٌ ومِتلافٌ، إذا ما سألتَه ... تهلّلَ واهتزَّ اهتزازَ المهنّدوله في نقد الشّعر ص ٧٩، والعمدة ٢/ ٨١٠، وكفاية الطّالب ص ٦٢، والإيضاح ٦/ ١٣٦، وأنوار الرّبيع ٦/ ٨٦. وللشَّمَّاخ بن ضرار في ملحق ديوانه ص ٤٣٦ وقال المحقّق في الحاشية: «والصّواب أنّها للحطيئة»، ونهاية الأرب ٣/ ٢٠٦، ونفحات الأزهار ص ٢٥٥، وبلا نسبة في البديع في نقد الشّعر ص ٤٠٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute