وعن أشهب بن عبد العزيز، صاحب مالك قال: قال رجل لمالك: يا أبا عبد اللَّه هل يَرى المؤمنون ربهم يوم القيامة؟ قال: "لو لم يَر المؤمنون ربهم يوم القيامة لم يُعيِّر اللَّه الكفار بالحجاب، فقال: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ (١).
وقال الإمام الشافعي في قول اللَّه ﷿: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ قال: "فلا حجبهم في السَّخَط: كان في هذا دليل على أنهم يرونه في الرضا" (٢).
وقال الربيع بن سليمان: "كنت ذات يوم عند الشَّافِعِي ﵀ وجاءه كتاب من الصعيد -وهو اسم موضع بمصر- يسألونه عن قول اللَّه جل ذكره: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ الآية. فكتب فيه: لما حجب اللَّه قومًا بالسخط، دلَّ على أن قومًا يرونه بالرضا. قال الربيع: قلت له: أو تدين بهذا يا سيدي؟ فقال: واللَّه لو لم يوقن محمد ابن إدريس أنه يرى ربه في الميعاد لما عبده في الدنيا" (٣).
وقال الزجاج: "وفي هذه الآية دليل على أن اللَّه يُرَى في الآخرة، لولا ذلك لما كان في هذه الآية فائدة، ولا خسَّت منزلة الكفار بأنهم يحجبون عن اللَّه ﷿ وقال تعالى في المؤمنين: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)﴾ [القيامة: ٢٢ - ٢٣] فأعْلَمَ اللَّهُ ﷿ أنَّ المؤمنين ينظرون إلى اللَّه، وأن الكفار يُحْجَبُونَ عَنْه" (٤).
٢ - الآيات الكريمة التي ورد فيها ذكر لقيا اللَّه تعالى في الآخرة مثل:
قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ﴾ [البقرة: ٢٢٣].
وقوله تعالى: ﴿قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٤٩].
وقوله تعالى: ﴿فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ﴾ [التوبة: ٧٧].
وقوله تعالى: ﴿تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا (٤٤)﴾ [الأحزاب: ٤٤].
وقوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: ١١٠].
(١) أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (٢/ ٤٦٨ رقم ٨٠٨).
(٢) انظر: أحكام القرآن للشافعي، جمع الإمام البيهقي (١/ ٤٠).
(٣) انظر مناقب الشافعي للبيهقي (١/ ٤١٩).
(٤) انظر: معاني القرآن لأبي إسحاق الزجاج (٥/ ٢٩٩).