فقالوا: الثَمَر المال، والثُمُر المأكول. وأكثر المفسرين على أن الثَمَر هاهنا: الأموال، وعلى قول ابن زيد الثُمُر: الأصول التي تحمل الثمرة لا نفس الثمرة. وهذه القراءة أقوى الوجوه لقوله:{فأصبحَ يُقلِّب كفَّيه عَلَى ما أَنْفَقَ فيها} أي: في الجهة، والنفقة إنما تكون على ذوات الثمر في أغلب العرف (١). وقال أبو إسحاق:(الثُمُر هاهنا أحسن؛ لأن قوله:{كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا} قد دل على الثَمَر)(٢).
وحكي عن أبي عمرو أنه قال:(الثَمَر والثُمُر أنواع المال)(٣). وهو المراد في هذه الآية، لا الثمرة التي تُجنى، دل على هذا قوله:"وأحيط بثَمَره" أي: أهلك جنته وماله وأصول نخله وشجره، وإذا كان كذلك فمن قرأ: بثُمْره وثُمُره كان قوله أبين، وأما قراءة عاصم في قوله:"وكان له ثَمَر" يعني ثَمَر (٤) نخله وكرمه، فليس بالجيد (٥) , لأن هذا قد فُهم من قوله:{آتَتْ أُكُلَهَا} وفي قوله: "وأحيط بثمره" كأنه أخبر عن بعض ما أصيب وأمسك عن بعض، وقراءة الباقين في قوله:"وأحيط بثمرة" جيدة عامة في الثَمَرة والأصول , لأنه لا يكون أن يصاب الأصل ولا يصاب الثمرة.
(١) "جامع البيان" ١٥/ ٢٤٥ - ٢٤٦، "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ١٤٣. (٢) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٢٨٥. (٣) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ١٤٣، "البحر المحيط" ٦/ ١٢٥، "التفسير الكبير" ٢١/ ١٢٥. (٤) قوله: (ثمر) ساقط من الأصل. (٥) قول المؤلف -غفر الله له-: (فليس بجيد). ليس بجيد، فإن أراد القراءة، فهي سبعية ثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا يجوز ردها ولا تضعيفها. وإن أراد المعنى، فقد وافقت وجهًا صحيحًا من أوجه اللغة العربية.