لا يلتفت إلى شيء مما في الروضة حتى قطعها لم يعرّج، ودخل بعير يتلوه فاتبع أثره حتى خرج من الروضة، ثم دخل فحل عبقرىّ يجرّ خطامه يلتفت يمينا وشمالا، ويمضي قصد الأولين حتى خرج، ثم دخل بعير رابع فرتع في الروضة ولا والله لا أكون الرابع، ولا يقوم مقام أبي بكر وعمر بعدهما أحد فيرضى الناس عنه. قال سعد: فإني أخاف أن يكون الضعف قد أدركك فامض لرأيك؛ فقد عرفت عهد عمر. وانصرف الزبير وسعد وأرسل المسور بن مخرمة إلى عليّ، فناجاه طويلا، وهو لا يشك أنه صاحب الأمر، ثم نهض وأرسل المسور إلى عثمان فكان في نجّيهما حتى فرق بينهما أذان الصبح. فقال عمرو ابن ميمون، قال لي عبد الله بن عمر: يا عمرو، من أخبرك أنه يعلم ما كلّم به عبد الرحمن بن عوف عليّا وعثمان فقد قال بغير علم. فوقع قضاء ربك على عثمان.
فلما صلوا الصبح جمع الرهط وبعث إلى من حضره من المهاجرين وأهل السنة والفضل من الأنصار، وإلى أمراء الأجناد فاجتمعوا حتى التجّ (١) المسجد بأهله، فقال: أيها الناس، إن الناس قد أحبّوا أن يلحق أهل الأمصار بأمصارهم، وقد علموا من أميرهم. فقال سعيد بن زيد: إنا نراك لها أهلا. فقال: أشيروا عليّ بغير هذا.
فقال عمار: إن أردت أن لا يختلف المسلمون فبايع عليّا. فقال المقداد بن الأسود: صدق عمّار؛ إن بايعت عليا قلنا سمعنا وأطعنا.
قال ابن أبي سرح: إن أردت أن لا تختلف قريش فبايع عثمان.
(١) في العقد الفريد ٢٧٨:٤ ارتج المسجد بأهله» وفي نهاية الأرب ٣٨٣:١٩ «حتى التحم المسجد بأهله».