عليّا وعثمان، فقال: عثمان. ثم خلا بسعد فكلمه فقال: عثمان.
فلقي عليّ سعدا فقال: ﴿اتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً» (١)، أسألك برحم ابني هذا من رسول الله ﷺ وبرحم عمّي حمزة منك. أن لا تكون مع عبد الرحمن لعثمان ظهيرا عليّ، فإني أدلي بما لا يدلي به عثمان، ودار عبد الرحمن لياليه يلقى أصحاب رسول الله ﷺ ومن وافى المدينة من أمراء الأجناد، وأشراف الناس يشاورهم ولا يخلو برجل إلا أمره بعثمان، حتى إذا كانت الليلة التي يستكمل في صبيحتها الأجل أتي منزل المسور بن مخرمة بعد ابهيرار (٢) من الليل فأيقظه فقال:
ألا أراك نائما ولم أذق في هذه الليلة كثير غمض، انطلق فادع الزّبير وسعدا. فدعاهما، قبدأ بالزبير في مؤخر المسجد في الصّفّة التي تلي دار مروان فقال له: خلّ ابني عبد مناف (٣) وهذا الأمر قال: نصيبي لعليّ. وقال لسعد: أنا وأنت كلالة فاجعل نصيبك لي فأختار. قال إن اخترت نفسك فنعم، وإن اخترت عثمان فعليّ أحبّ إليّ، أيّها الرجل بايع لنفسك وأرحنا، وارفع رؤوسنا. قال:
يا أبا إسحاق إني قد خلعت نفسي منها على أن أختار، ولو لم أفعل وجعل الخيار إليّ لم أردها، إني أريت (٤) كروضة خضراء كثيرة العشب فدخل فحل لم أر فحلا قط أكرم منه، فمرّ كأنه سهم
(١) سورة النساء آية ١. (٢) ابهيرار الليل: أي إذا انتصف (تاج العروس ٦٤:٣). (٣) أي علي وعثمان ﵄. (٤) في نهاية الأرب ٣٨٣:١٩، والكامل لابن الأثير ٧٠:٣ «إني رأيت روضة خضراء» وفي العقد الفريد ٢٧٨:٤ «إني رأيت كأني في روضة خضراء».