وحواشيه؛ لقوله تعالى: ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة: ٧٩]، أي: لا يمسُّ القرآن، وهو خبرٌ بمعنى النَّهْي.
ورُد: بأنَّ المرادَ اللوحُ المحفوظُ. والمطهَّرون: الملائكةُ؛ لأنَ المطهَّر [من طهَّره غيرُه](١). ولو أريدَ بنو آدمَ، لقيل: المتطهِّرون.
والجواب: أنَّ بني آدم على قياسهم، بدليلِ حديثِ ابنِ عمر: أنَ النبَّي ﷺ كتبَ إلى أهلِ اليمن كتابًا، وكان فيه:"لا يمسُّ القرآنَ إلا طاهر"(٢). قال الأثرمُ: احتجَّ به أحمدُ، ورواه مالك مرسلًا (٣).
لكن إنَما يحرم المسُ إذا كان (بلا حائلٍ) لأن النَّهْيَ إنَّما ورد عن مسِّه، ومع الحائل إنما يكون المسُّ له دون المصحف
و (إنَّما يحرُمُ المسُّ إذا كان بلا حائلٍ) لأنَّ النهيَ إنَّما تناول مسه ومباشَرَته، ومع وجودِ الحائلِ لا يكون ماسًّا له، وإنَّما يكون ماسًّا للحائل.
(١) في (ز): "من طهَّره الله". (٢) كتاب النبي ﷺ إلى أهل اليمن ليس من حديث ابن عمر وإنما هو من حديث عمرو بن حزم عن النبي ﷺ، وأخرجه الدارقطي (٤٣٩)، والحاكم ١/ ٣٩٥ - ٣٩٦، والبيهقي ١/ ٨٧ - ٨٨ متصلًا. وأخرجه أيضًا الدارقطني (٤٣٨)، والبيهقي ١/ ٨٧ عن أبي بكر محمد بن عمرو بن حرم مرسلًا. وأما حديث ابن عمر فأخرجه الدارقطني في "سننه " (٤٣٧)، والطبراني في "الكبير، (١٣٢١٧)، والبيهقي ١/ ٨٨ من طريق سليمان بن موسى الأشدق، عن سالم، عن ابن عمر. قال العلامة أبو الطيب في "تذييله على الدارقطني": وفيه سليمان بن موسى الأشدق مختلف فيه، فوثقه بعضهم، وقال البخاري: عنده مناكير، وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال ابن حجر في "التلخيص الحبير" ١/ ١٣١: إسناده لا بأس به. اهـ. وينظر "تنقيح التحقيق" لابن عبد الهادي ١/ ٤٠٩ - ٤١٧. (٣) في "الموطأ" ١/ ١٩٩. قال ابن عبد البر في "التمهيد" ١٧/ ٣٩٦: كتاب عمرو بن حرم إلى أهل اليمن كتاب مشهور عند أهل العلم معروف، يستغنى بشهرته عن الإسناد.