تستحبُّ لمن قَوِيَ على الحِفْظِ، ولا يضمنُها بتَلَف بلا تعدٍّ ولو من بين مالِه.
وعليه حِفْظُها في حِرْزِ مثلِها، وإنْ عيَّنه (١) ربُّها، فأحرزها بدونِه بلا ضرورةٍ، ضمن.
[باب الوديعة]
مِن ودَع الشيءَ: إذا تركَه (٢)؛ لأنَّها متروكةٌ عندَ المودَع، والإيداعُ توكيلٌ في الحفظِ تبرُّعًا، والاستيداعُ توكُّلٌ فيه كذلك، ويعتبرُ لها ما يُعتبرُ في وكالةٍ.
و (تستحبُّ) الوديعةُ (لمن قَوِيَ على الحِفْظِ) وأمِنَ نفسَه عليها، وتُكْره لغيره إلا برضا ربِّها.
(ولا يضمنُها) أي: الوديعةَ (بتَلَفِـ) ـها (بلا تعدٍّ) ولا تفريطٍ (ولو) تَلِفَتْ (من بين مالِه) لحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه، عن النبي ﷺ قال:"من أودِع وديعةً، فلا ضمانَ عليه". رواه ابنُ ماجه (٣).
(و) يجبُ (عليه) أي: على الوديعِ (حِفْظُها في حِرْزِ مثلِها) عُرْفًا، كما يحفظُ مالَه؛ لأنَّه تعالى أمرَ بأدائِها، ولا يمكنُ ذلك إلا بالحفظ. قال في "الرِّعاية": من استُودِعَ شيئًا، حَفِظَه في حِرْزِ مثلِه عاجلًا مع القُدرة، وإلا، ضَمن (وإنْ عيَّنه) أي: الحرزَ (ربُّها، فأحرزَها بدونه بلا ضرورةٍ، ضمن) سواءٌ ردَّها إليه أوْلا؛ لمخالفته. وإن أحرزها بمثلِه أو فوقَه، لم يضمنْ، وكذا بدونه لضرورةِ.
(١) في المطبوع: "عيَّنها"، والمثبت موافق لما في "هداية الراغب". (٢) "المطلع" ص ٢٧٩. (٣) في "سننه" (٢٤٠١) من طريق أيوب بن سويد، عن المثنى، عن عمرو بن شعيب، به. قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" ٣/ ٦٢: هذا إسناد ضعيف؛ لضعف المثنى-وهو ابن الصباح- والراوي عنه.