والمبالغةُ في الاستنشاق: جذبُه بنَفَسٍ إلى أقصى أنفٍ، وهو الخيشومُ، مع إدخال الإصبعِ الأيسرِ، وإزالةِ ما فيه من الأذى. هذه صفةُ المبالغةِ فيهما.
والواجبُ في المضمضة: الإدارة، أي: أدنى إدارةٍ، ولو ببعضِ الفم، فلا يكفي وضعُ الماءِ في فيه بدونِ إدارةٍ.
والواجبُ في استنشاقٍ جذبُه إلى باطنِ أنفه، ولو لم يبلغْ أقصاه، فلا يكفي وضعُه في أنفه من غير جذبٍ.
وله بلعُ الماءِ الذي تَمَضْمَضَ به بعدَ إدارته، فلا يُجزِىُ جعلُ مضمضة في حلقه أولًا، أي: قبل الإدارة وَجُورًا (١)، أي: من غير إدارة، ولا يحصلُ به أداءُ فرضِ المضمضة.
ولا يجزئُ أيضًا جعلُ استنشاق سعوطًا (٢)، أي: من غير جذبٍ بنَفَسٍ إلى باطنِ أنفٍ، فلا يحصلُ الاستنشاقُ المفروضُ بذلكَ؛ لعدمِ الجذبِ المشروطِ فيهما.
ولا يفصلُ بينَ المضمضةِ والاستنشاقِ؛ لوجوبِ الموالاةِ بينهما.
وأما الترتيبُ بينهما وبينَ الوجهِ فإنَّه غيرُ واجبٍ.
والمبالغةُ في غيرِ المضمضة والاستنشاق: دَلْكُ المحلِّ الذي ينبو، أي: يرتفعُ ويزولُ عنه الماء والدلكُ: إمرارُ اليد على الأعضاء المغسولة. دنوشري مع زيادة.
وتخليلُ اللحيةِ الكثيفةِ يحصلُ بكفِّ من ماء، بأنْ يضَعَهُ من تحتِها، ثمَّ يخلِّلَها بأصابعه متشبِّكةً في لحيته؛ اتِّباعًا لفعلِه ﷺ، ولما رَوى أنسُ بن مالك أن النبيَّ ﷺ كان إذا توضَّأَ أخَذَ
(١) الوَجور: الدواء يصبُّ في الحلق. "المصباح المنير" (وجر). (٢) السَّعُوط: دواءٌ يصبُّ في الأنف. "المصباح المنير" (سعط).