وَتَقَرُّبًا إِلَيْكَ، لَا عَلَى جِهَةِ العِبَادَةِ لِلْحِجَارَةِ كَمَا كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْعَلُونَ، وَإِنَّمَا قَالَ: (اتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ) لِأَنَّ تَقْبِيلَ الحَجَرِ إِنَّمَا ثَبَتَ بِفِعْلِ النَّبِيِّ ﷺ.
وَقَوْلُهُ: (وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِكَ) إِشَارَةٌ إِلَى مَا أُمِرْنَا بِهِ مِنِ اتِّبَاعِ الرَّسُولِ ﷺ وَطَاعَتِهِ. وَقَوْلُهُ: (وَوَفَاءً بِعَهْدِكَ)، يَعْنِي فِي التَّمَسُّكِ بِطَاعَتِكَ، حَيْثُ قَالَ: (١)، وَشَرَائِعُ اللهِ كُلُّهَا عُهُودُهُ.
وَمِنْ سُنَّةِ الطَّوَافِ إِذَا فَرَغَ مِنْ تَقْبِيل الحَجَرِ تَرَكَ الرُّكْنَ عَنْ يَسَارِ الطَّائِفِ، وَمَضَى الطَّائِفُ عَلَى يَمِينِهِ تَبَرُّكًا بِالتَّيَامُنِ، ثُمَّ يَرْمَلُ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ، وَهُوَ شِبْهُ الْخَبَبِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُمْ أُمِرُوا بِذَلِكَ فِي عُمْرَةِ القَضَاءِ لِمُرَاءَاةِ الْمُشْرِكِينَ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا حُدِّثُوا عَنْهُمْ بِضَعْفٍ وَسُوءِ حَالٍ وَهُزَالٍ، فَلَمَّا رَأَوْهُمْ عَلَى تِلْكَ الحَالِ عَلِمُوا أَنَّ لَهُمْ قُوَّةٌ.
وَقِيلَ: إِنَّهُم اِضْطَبَعُوا لِهَذَا الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الْمُضْطَبَعَ فِي هَيْئَةِ القَوِيِّ الجَلْدِ.
وَسُنَّ بَعْدَ الفَرَاغِ مِنَ الطَّوَافِ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ شُكْرًا عَلَى نِعْمَةِ اللهِ.
وَلَمَّا كَانَ الْمَعْنَى فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ الإِيمَاءَ إِلَى مَعْنَى البِشَارَةِ مِنَ اللهِ تَعَالَى؛ خَرَجَ عَنْ مَعَانِي الصَّلَاةِ، وَأُجِيزَ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ.
وَعَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ [﵀ تَقْدِيمُ السَّعْيِ بَيْنَ] (٢) الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى
(١) سورة البقرة آية: (٤٠).(٢) بَيَاضٌ في المخْطُوطِ، والاسْتِدْرَاكُ مِن المصْدَر السَّابق. (ص: ١٤٨).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute