وقيل: قدر بمعنى: قدَّر، يقال: قَدَر وقدر بمعنى ضيق كقوله: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ}[الطلاق: ٧]، وهذان التأويلان قيلا في قوله عز وجل:{فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ}[الأنبياء: ٨٧] إلَّا أنه لا يجوز أن يتأول في يونس عليه السلام أن يجهل صفة من صفات ربه، وقد قيل: إن قوله: "لَئِنْ قَدَرَ اللهُ عَلَيْهِ (١) " قاله في حال دهش وخوف وشدة ذعر فلم يضبط قوله (٢)، ولم (٣) يقدره قدره، وقيل: هذا من مجاز كلام العرب المسمى بتجاهل العارف (٤) ومزج الشك باليقين، كقوله تعالى:{وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى}[سبأ: ٢٤]، وقوله: أَأَنْتِ أَمْ أُمُّ سَالِمِ (٥).
قوله:"فَاقْدِرُوا لَهُ"(٦) بالوصل وكسر الدال وضمها، أي: قدِّروا له عدد ثلاثين حتى تكملوها ببينة قوله: "فَأَكْمِلُوا الْعَدَدَ ثَلَاثِينَ"(٧) هذا قول الجمهور، وذهب ابن سريج (٨) القاضي إلى أن هذا خطاب (من خص
(١) في (س، د، ش): (علي). (٢) ساقطة من (د، ش). (٣) في (س، ش، د): (لن). (٤) في (س، ش، د): (المعارف). (٥) هو جزء من بيت لذي الرمة غيلان بن عقبة والبيت بتمامه: فَيَا ظَبْيَةَ الوَعْسَاءِ بَيْنَ جَلاجِلِ ... وَبَيْنَ النَّقَا أَأَنْتِ أَمْ أُمُّ سَالِمِ انظر "الجمل" للخليل بن أحمد ص٢٥٠. (٦) "الموطأ" ١/ ٢٨٦، والبخاري (١٩٠٠، ١٩٠٦)، ومسلم (١٠٨٠) من حديث ابن عمر. (٧) "الموطأ" ١/ ٢٨٧ من حديث ابن عباس بلفظ: "فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلَاثِينَ". والبخاري (١٩٠٧) من حديث ابن عمر بلفظ: "فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلَاثِينَ". ومسلم (١٠٨١) من حديث أبي هريرة بلفظ: "فَأَكْمِلُوا العَدَدَ". و (١٠٨٨) ومن حديث ابن عباس بلفظ: "فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ". (٨) في (س، أ، م): (شريح) والمثبت من (د، ش) وفي "المشارق" ٢/ ١٧٣: ابن سريج القاضي من الشافعية.