قوله:"فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ"(١) أي: أقبل بهما من مقدم رأسه، وهو قبل الرأس. وقيل: الواو لا توجب الترتيب، أي: أدبر بهما وأقبل، أي: مضى بهما من قبل رأسه، أي: دبر رأسه، وقد جاء كذلك في بعض أحاديث البخاري:"فَأَدْبَرَ بِهِمَا وَأَقْبَلَ"(٢)، وكيفما كان فقوله:"بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ"(٣) يفسر ذلك ويبينه.
قولها:"فَلَا أُقَبَّحُ"(٤) أي: لا يرد قولي عليَّ؛ تريد لعزتها عنده، يقال: قبَّحت فلانًا بشد الباء إذا قلت له: قَبَحَكَ الله، بتخفيف الباء، ومعناه: أبعدك الله، والقبح: الإبعاد، ويقال: قبَّحك الله بشد الباء أيضًا، حكاه ابن دريد تقبيحًا (٥)، وقبحه الله بالتخفيف قبحًا، والقبح الاسم.
قوله:"لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ"(٦) تأوله البخاري: لا تجعلوها كالمقابر التي لا تجوز الصلاة فيها، وكذلك ترجم عليه باب كراهية الصلاة في المقابر (٧). وقال غيره: بل معناه: اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تجعلوها (٨) قبورًا؛ (لأن العبد إذا مات وصار في قبره لم يصلِّ
(١) "الموطأ" ١/ ١٨، والبخاري (١٨٥، ١٨٦، ١٨٤٠)، ومسلم (٢٣٥) من حديث عبد الله بن زيد. و"الموطأ" ١/ ٣٣٣، ومسلم (١٢٠٥) من حديث أبي أيوب الأنصاري. (٢) البخاري (١٩٩) من حديث عبد الله بن زيد. (٣) "الموطأ" ١/ ١٨، البخاري (١٨٥)، مسلم (٢٣٥). (٤) البخاري (٥١٨٩)، ومسلم (٢٤٤٨) من حديث عائشة. (٥) "الجمهرة" ١/ ٢٨٢. (٦) مسلم (٧٨٠) من حديث أبي هريرة. (٧) البخاري قبل حديث (٤٣٢). (٨) في (س) (تتخذوها).