والسبعون (١) والثلاثُ مئةٍ وبضع، وإذا لم يتخصص بعددٍ، لم يكن في الآيةِ حجةٌ.
قيل: قد تقعُ الطائفةُ على أقل قليل، وهو الواحدُ، بدليل قوله تعالى:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}[الحجرات: ٩] إلى قوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}[الحجرات: ١٠]، وقال محمد بن كعب في قوله:{إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ}[التوبة: ٦٦]: كان رجلاً واحداً (٢)، وقيل في قوله: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢)} [النور: ٢]، قيل: أقلها واحدٌ.
على أنَّنا أجمعنا على أن سماع العلمِ فرضٌ على الكفاية، وأنه لو تخلفَ عند النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من يسمع منه، ولو واحداً (٣)، سقطَ عن كافَّةِ أصحابِه رضوان الله عليهم، ومَن سَقَطَ بحضورِه الفرضُ عن الكل، هو الذي وجب الحذرُ بإنذارِه.
فإن قيل: إنَّما المرادُ بالإنذارِ الفتيا من العلماءِ، وذلك يجب قبوله على العوام، فنحن قائلون بما جاءت فيه، ويشهد لذلك: ما في نطق الآية من قولِه: {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا}[التوبة: ١٢٢] , ولم يقل: لينقلوا، أو: ليسمعوا، فيخب (٤ فالمقصود: علمُ ٤) أحكام الشريعة.
قيل: كل مسموع من (٤ النبي - صلى الله عليه وسلم - ٤) يسمى فقهاً، لا سيما في حق الصحابة مع فقههم لكلامه، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "يحملُ هذا العلم من
(١) في الأصل: "والسبعين". (٢) انظر "تفسير الطبري" ١٤/ ٣٣٦ تحقيق أحمد شاكر. (٣) في الأصل: "واحد". (٤ - ٤) طمس في الأصل.