ولمَّا جاء الوعيدُ، بقوله في آية المواريث:{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ... وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ}(١)[النساء: ١٣ - ١٤]، أراد به خالدينَ (٢) مدةَ عذابهم، خالدينَ ما لم يعفُ عن الدوامِ بشفاعةِ الشافعِ لهم. فهذه الأخبارُ من الله، يجوزُ أن تقعَ على هذا الوجهِ.
وفي النفي: مثل قولِهِ: {لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ}[الأعراف: ٤٠]، {لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[البقرة: ١٧٤]، فهذا خبر لا يجوزُ رفعُهُ ولا نسخُهُ؛ لأنَّهُ يُفضي إلى وقوعِ الخبرِ بخلافِ مخبَرهِ، وذلكَ غيرُ جائزٍ على الله سبحانه.
وممّا يجوزُ عليه سبحانَهُ، ولا يمتنعُ: أن يأمرَ نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - بأنْ يقولَ:"صلوا، والصلاةُ واجبةٌ عليكم"، ويقول بعدَ وقتٍ:"الصلاةُ محرمة عليكم" فهذا يجوزُ أن يكونَ بحكمِ الوقتِ الذي أمرَ بها فيهِ، فكأنَّه يقول:"صلوا، فالصلاةُ في هذا الوقت واجبةٌ عليكم"، ويقول في وقتٍ آخر:" [لا] تصلوا (٣)، فالصلاةُ محظورةٌ عليكم"، ويكونُ وقتاً من أوقاتِ النهيِ التي تقعُ الصلاةُ فيهِ مفسدةً.
(١) وقع في الأصل خطأ في نص الآية. (٢) في الأصل: "خالدون". (٣) في الأصل: "صلوا" بحذف حرف "لا".