فمن الأولى (١): (إِنْ)، كقوله تعالي:{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ}[الأعراف:٢٠٠] الآية: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً}[الأنفال: ٥٨] الأصل -والله أعلم-: "وإنْ تَخَافَنّ" و"إِن يِنْزَغَنَّك" زِيدت "ما" للتوكيد، فصارت:"وإن ما" ولذلك يُؤكد الفعل بعدها بنون التوكيد، ثم أُدغمت النون في الميم، وحُذفت خطًّا، ووُصلتْ الألف بالميم كما وُصلت "مِن" و"عَن" بـ "ما" وقيل: "مِمَّا" و"عَمَّا".
فمعنى الوصل هنا حَذْف النون وصَيْرورة الحرفين مثل كلمة "إِمَّا" العاطفة في قوله تعالى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً}[محمَّد: ٤] ومثل ذلك قوله:
ومثله قولهم:"افْعَلْ هَذَا إِمَّا لا، أو قولهم: "إمَّا لا فافْعَلْ هذا"؛ أي: إِن كنتَ لا تفعل ذاك فافعل هذا.
وإنما قلنا: زِيدت "ما" لأن كلمة "ما" الواقعة بعد "إِنْ" الشرطية زائدة كما ذكره في (القواعد)(٣). إِلا أنهم تحاشَوْا أن يقولوا في القرآن زائد بإِطلاق تأدُّبًا، بل يُقال: صِلَة أو زائد للتوكيد.
ومثل "إِنْ": "أَيّ" مطلقًا؛ شرطية كانت أو استفهامية.
(١) أي من أدوات الشرط الواقعة قبل (ما) الزائدة. (٢) البيت لجميل أو لبيد العامري، وهو من بحر الطويل. انظر ديوان جميل ص ٩٢، الإنصاف لابن الأنباري ص ٥٨٦، شرح الأشموني جـ٣ ص ٢٨١ همع الهوامع للسيوطي قال الصبان في حاشيته علي شرح الأشموني (جـ٣ ص ٢٨١): "المعنى: إذا جئنا فلا تجعل نظرك إِلينا، بل إِلي غيرنا ليظنوا أن هواك للشيء الذي تنظر إِليه، لا لمحبوبتك فيستتر أمرك". (٣) قواعد الإعراب لابن هشام ص ١٣، قال: "وحيث اجتمعت (ما) و (إِنْ): فإِن تقدمت (ما) فهي نافية و (إِن) الزائدة وإن تقدمت (إِن) فهي شرطية و (ما) زائدة نحو: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً} [الأنفال: ٥٨] وسيأتي هذا النص منقولًا عن ابن هشام.