كما مرَّ، فلا تُوصل بشيء غير "الفاء" و"لام" الابتداء مما لا يُوصل بالأسماء الظاهرة نحو: {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ}(١)[الفرقان: ٤٤] فالضمير فيهما منفصل فتقول: "هُمْ كالأنْعَامِ، وهُمْ أَضَلّ" بخلاف الضمير في نحو: "إِنَّهُم كَفَروا" فإِنه معمول لـ "أن" الناصبة للأسماء.
وكذا يُقال في قوله تعالى:{يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ}[الذاريات: ١٣] و {يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ}[غافر: ١٦] بخلاف {حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ}[المعارج: ٤٢] و {يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ}[الطور: ٤٥] كما في شيخ الإِسلام على (الجَزَرِيَّة) قال: "لأن "هُمْ" مجرور، فالمناسب الوصل"(٢).
وأما "الفاء" و "لام" الابتداء نحو: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[الصافات: ٦٠] فيُوصل بها الضمير المنفصل.
[فَصْل الضمير عما قبله إذا قُصِد به لفظُه]:
وخرج (بالمستعملة ... إِلخ) ما إِذا قُصد بالضمير لفظه، فلا يُوصل بما قبله مما لا يُوصل بالأسماء الظاهرة، لأنه صار مثلها، كقول الحريري (٣) في (الدُّرَّة)(٤): "وإنما اختاروا "ها" في الضمير الراجع للعدد الكثير عن "هُنّ" واختاروا "هُنّ" عن "ها" في القليل أَخْذًا من آية: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا}[التوبة: ٣٦] إِلى أن قال: {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ}[التوبة: ٣٦] ثم قال: {فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}[التوبة: ٣٦].
كما أن الحروف إِذا قُصد لفظها تصير من قَبِيل الأسماء الظاهرة، فلا تُوصل
(١) وتمامها: {بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا}. (٢) شرح متن الجزرية -للشيخ زكريا الأنصارى- ص ٥١ - ٥٢. (٣) سبق التعريف به ص ٣٢. (٤) درة الغواص ص ١٠٠ - ١٠١.