وكان معاذ بن جبل رضي الله عنه يقول في خطبته كثيرًا:" وإياكم وزيغةَ الحكيم؛ فإن الشيطان قد يتكلم على لسان الحكيم بكلمة الضلالة، وقد يقول المنافق الحقَّ، فتلقَّوا الحق عمن جاء به؛ فإن على الحق نورًا "، قالوا:" وكيف زيغة الحكيم؟ "، قال:" هي كلمة تروعكم وتنكرونها، وتقولون: ما هذه؟ فاحذروا زيغته، ولا تَصُدَّنكم عنه؛ فإنه يوشك أن يفيء، وأن يُراجع الحقَّ "(١).
وقال الحسين بن فضل:" لكل عالم هفوة "(٢).
وقال علي بن الحسين رحمه الله ورضي عن أبيه:" ليس ما لا يُعرف من العلم، إنما العلم ما عُرِف، وتواطأت عليه الألسن "(٣).
وقال إبراهيم بن أبي عبلة رحمه الله:" من حمل شاذ العلم حمل شرًّا كثيرًا "(٤).
قال مالك: (شر العلم الغريب، وخير العلم الظاهر الذي قد رواه الناس " (٥).
وعن عبد الرحمن بن مهدي قال: " لا يكون إمامًا في الحديث من تَتَبَّع شواذَّ الحديث، أو حدث بكل ما يسمع، أو حدَّث عن كل أحد " (٦).
* * *
(١) رواه أبو داود في " سننه " رقم (٤٦١١)، والدارمي (١/ ٦٧). وقال البيهقي رحمه الله: " فأخبر معاذ بن جبل أن زيغة الحكيم لا توجب الإعراض عنه، ولكن يُترك من قوله ما ليس عليه نور، فإن على الحق نورًا -يعني والله أعلم- دلالة من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس على بعض هذا " اهـ. (٢) " أسباب النزول " للواحدي ص (١٨). (٣) " سير أعلام النبلاء " (٣/ ٣٩١). (٤) " السابق " (٦/ ٣٢٤). (٥) " ترتيب المدارك " (١/ ١٨٤). (٦) " جامع بيان العلم " رقم (١٥٣٥).