أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، فأتوا على مخاضةٍ وعمر على ناقة، فنزل عنها وخلع خفيه فوضعهما على عاتقه، وأخذ بزمام ناقته فخاض بها الخاضة، فقال أبو عبيدة:" يا أمير المؤمنين أأنت تفعل هذا؟! تخلع خفيك، وتضعهما على عاتقك، وتأخذ بزمام ناقتك، وتخوض بها الخاضة؟ ما يسرني أن أهل البلد استشرفوك "، فقال عمر:" أوَّه لو يقل ذا غيرُك أبا عبيدة جعلتُه نكالاً لأمة محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -! "(١).
إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام، فمهما تطلب العز بغير ما أعزنا الله به؟ أذلنا الله) (٢).
وعن أبي وائل: أن ابن مسعود رضي الله عنه رأى رجلاً قد أسبل، فقال:" ارفع إزارك "، فقال:" وأنت يا ابن مسعود ارفع إزارك "، فقال له عبد الله:" إني لست مثلك إن بساقي حموشة -دقة- وأنا أؤم الناس "، فبلغ ذلك عمر، فجعل يضرب الرجل، ويقول:" أترد على ابن مسعود؟! "(٣).
وعن يحيى بن معين قال: سمعت قبيصة بن عقبة يقول: " شهدتُ عند شريك، فامتحنني في شهادتي، فذكرتُ ذلك لسفيان، فأنكر على شريك، وقال: " لم يكن له أن يمتحنه " (٤).
(١) وهذا هو الشاهد على مراعاة عمر رضي الله عنه أقدار الرجال، وإنزالهم منازلهم. (٢) رواه الحاكم، وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، ثم الألباني، وفي رواية: " يا أمير المؤمنين، تلقاك الجنود وبطارقة الشام وأنت على حالك هذه؟ " فقال عمر: " إنا قوم أعزنا الله بالإسلام فلن نبتغي العز بغيره ". (٣) رواه ابن عساكر كما في " الكنز " (٧/ ٥٥). (٤) " سير أعلام النبلاء " (١٠/ ١٣٢)، وإنما أنكر سفيان ذلك، لأن قبيصة كان كما قال الذهبي " قد قفز القنطرة ".