" أنا ممن رفعه الله تعالى بالقرآن، لولا القرآن لكان على رقبتي دَنُّ (١) صحناء (٢) أبيعه "(٣)، وقال أيضًا:" لولا القرآن وهذا العلم عندي؛ لكنت من بقالي الكوفة "(٤).
وممن رفعه الله بالقرآن: أبو العالية رفيع بن مهران الإمام المقرئ الحافظ المسند، وكان مولى لامرأة، قال رحمه الله:(كان ابن عباس يرفعني على السرير (٥)، وقريش أسفل من السرير، فتغامزت بي قريش، فقال ابن عباس رضي الله عنهما:" هكذا العلم يزيد الشريف شرفًا، ويُجلسُ المملوكَ على الأسِرَّة! "(٦).
وكان المحدثون يعظمون أهل القرآن أيَّ تعظيم، فهذا الإمام شيخ الإسلام، وشيخ المقرئين والمحدثين سليمان بن مهران الأعمش رحمه الله؛ مع أنه كان معروفًا بشدته على طُلاب الحديث، يقول:
" كان يحيى بن وثَّاب من أحسن الناس قراءة رُبما اشتهيت أن أقَبِّلَ رأسه من حُسن قراءته، وكان إذا قرأ لا تسمع في المسجد حركة، كأن ليس في المسجد أحد "(٧).
وقال يعقوب الفسوى: سمعت أحمد بن يونس، وذكروا له حديثًا أنكروه من حديث أبي بكر بن عياش، عن الأعمش، فقال: كان الأعمش يضرب هؤلاء، ويشتمهم، ويطردهم، وكان يأخذ بيد أبي بكر، فيجلس معه في زاوية
(١) الدن: وعاء ضخم. (٢) الصحناء: السمك الصغار. (٣) " الحث على حفظ العلم " للعسكري ص (١٨). (٤) " سير أعلام النبلاء " (٦/ ٢٢٩). (٥) أي سرير دار الإمرة، حين تولاها ابن عباس لعلي رضي الله عنهم، كما في " السير " (٢٠٨/ ٤). (٦) " سير أعلام النبلاء " (٤/ ٢٠٨). (٧) " السابق " (٤/ ٣٨١).