فعن أبي بَرْزَة الأسلمي رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (كان في مَغْزًى له (١)، فأفاء الله عليه، فقال لأصحابه:" هل تفقدون من أحد؟ " قالوا: " نعم، فلانًا، وفلانًا، وفلانًا "، ثم قال:" هل تفقدون من أحد؟ "، قالوا:" نعم، فلانًا وفلانًا وفلانًا "، ثم قال:" هل تفقدون من أحد؟ " قالوا: " لا "، قال:" لكني أفقد جُلَيبيبًا، (٢) فاطلبوه "، فطُلب في القتلى، فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم، ثم قتلوه، فأتى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فوقف عليه، فقال:" قتل سبعة، ثم قتلوه، هذا مني وأنا منه، هذا مني وأنا منه "(٣)، قال: فوضعه على ساعديه، ليس له سرير إلا ساعدا النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: فحفر له، ووضع (٤) في قبره، ولم يذكر غسلاً (٥)) (٦).
وعن ثابتٍ البُنانيِّ عن أنس رضي الله عنه قال:(خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - على جليبيب امرأة من الأنصار، فقال (٧): " حتى أستأمر أمها "، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " فنعم إذًا "، فانطلق الرجل إلى امرأته، فذكر ذلك لها، فقالت:" لا ها الله (٨) إذًا ما وجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا جليبيبًا (٩)، وقد منعناها من فلان وفلان؟ "، قال:
(١) أي في سفر غزو له، أي: وفيمن معه جليبيب. (٢) جُلَيبيب: تصغير جلباب. (٣) ومعناه المبالغة في اتحاد طريقهما، واتفاق ما في طاعة الله تعالى، عكس قوله - صلى الله عليه وسلم -: " من رغب عن سنتي فليس مني ". (٤) وفي رواية: " ثم وضعه في قبره ". (٥) لأن الشهيد لا يغسل، ولا يصلى عليه. (٦) رواه الإمام أحمد (٤/ ٤٢١)، ومسلم رقم (٢٤٧٢). (٧) أي: أبوها. (٨) أي: هذا يميني، و " لا " لنفى كلام الرجل، و " ها " بالمد والقصر بمعنى واو القسم، ولفظ الجلالة مجرور بها. (٩) " إذاً ما وجد ... " إلخ هو جواب القسم، قالت ذلك؛ لأن جليبيبًا كان في وجهه دمامة.