إذا كان الهوى عدو العقل وآفته وجب على الإنسان أن يتجرد من الهوى, فالإنسان إذا اتبع الهوى نسي الله, وضل عن سبيل الرشاد, ولهذا قيل:"الهوى شريك العمى", و"كم من عقل أسير في يدي هوى أمير", ولهذا نهى الله عن الهوى فقال جل شأنه:{وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ}(١) , وفي الحديث:(ثَلاثٌ مُهْلِكَاتٌ: شُحٌّ مُطَاعٌ وَهَوًى مُتَّبَعٌ وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ)(٢) , قال الشاعر:
ضلال العقول في إتباع الهوى ... ولا حيلة في ضلال العقول
ومما نسب إلى الإمام احمد حميد الدين في جموح الهوى:
إن الهوى غير مدفوع ولو جمعت ... له القوى أو عليه شن غارات
وعارضه في ذلك العلامة يحيى بن محمد الهادي رحمه الله فقال:
إذا استعمر النفس جيش الهوى ... فعنها إلى الحشر لا ينسحب
وصارا معاً ضد جهد الحجى ... ومن غالب اثنين يوماً غلب
قلتُ: الظاهر أن من قدم هواه على عقله لم يصب رشداً في حياته, ولا أمناً بعد وفاته, وقد جاء في محكم التنزيل:{وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}(٣) .
(١) - سورة ص الآية (٢٦) . (٢) - أخرجه الطبراني في الأوسط ج٥ص٣٢٨ حديث (٥٤٥٢) . (٣) - سورة النازعات الآيتان (٤٠و٤١) .