فالواجب على العاقل لزوم السلامة بترك التجسس عن عيوب الناس مع الاشتغال بإصلاح عيوب نفسه.
[قصة لعمر بن عبد العزيز رحمة الله:]
روي ان عمر بن عبد العزيز دخل عليه رجل, فذكر عنده وشاية في رجل اخر, فقال له عمر: إن شئت حققنا هذا الامر الذي تقول فيه وننظر فيما نسبته اليه, فإن كنت كاذبا فأنت من اهل هذه الاية:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا}(١) , وإن كنت صادقا فأنت من اهل هذه الاية:{هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ}(٢) , وإن شئت عفونا عنك فقال: العفو ياامير المؤمنين , لاأعود الى مثل ذلك ابدا.
[سوء الظن]
سوء الظن يقود إلى التجسس وإفساد ما بين الراعي والرعية, ولهذا ورد في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:(إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ وَلا تَحَسَّسُوا وَلا تَجَسَّسُوا وَلا تَحَاسَدُوا وَلا تَدَابَرُوا وَلا تَبَاغَضُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا)(٣) .
وقد قيل: التجسس من شعب النفاق كما أن حسن الظن من شعب الإيمان, والعاقل يحسن الظن باخوانه وينفرد بغمومه وأحزانه, كما أن
(١) - سورة الحجرات الآية (٦) . (٢) - سورة القلم الآية (١١) . (٣) - أخرجه البخاري في صحيحه باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر حديث (٥٧١٧) , ومسلم في صحيحه باب تحريم الظن والتجسس حديث (٢٥٦٣) .