[ذهاب المال]
إن المال يذهب ولا يبقى إلا ما أنفق منه في وجوه البر فاحرص على إنفاقه في وجوه البر ينمو المال ويكثر, قال الشاعر:
المال يذهب حله وحرامه ... يوماً وتبقى في غدٍ آثامه
ليس التقي بمتقٍ لإلهه ... حتى يطيب طعامه وشرابه (١)
أما لبيد بن أبي ربيعة (٢) فهو يقول:
وما المال والأهلون إلا ودائع ... ولا بد يوماً أن ترد ودائعه
ولعل حاتم الطائي (٣) نظر إلى غدو المال ورواحه فرأى أنه لا يبقى إلا ذكره فقال:
أَماوِيُّ إِنَّ المالَ غادٍ وَرائِحٍ ... وَيَبقى مِنَ المالِ الأَحاديثُ وَالذِكرُ
أما الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقد حكم بأن المال إنما يجمع لذوي الميراث فقال:
أَموالُنا لِذَوي الميراثِ نَجمَعُها ... وَدورُنا لِخرابِ الدَهرِ نَبنيها (٤)
ويؤثر عن الإمام علي رضي الله عنه أيضاً أنه قال:
أبني إن من الرجال بهيمة ... في صورة الرجل السميع المبصرِ
فطنٌ بكل مصيبة في ماله ... وإذا يصاب بدينه لم يشعرِ
(١) - أوردهما الذهبي في سير أعلام النبلاء ج١ص٩٤.
(٢) - لبيد بن ربيعة بن مالك أبو عقيل العامري, (٤١هـ/٦٦١م) أحد الشعراء الفرسان الأشراف في الجاهلية. من أهل عالية نجد. أدرك الإسلام، ووفد على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) . يعد من الصحابة، ومن المؤلفة قلوبهم. وترك الشعر فلم يقل في الإسلام إلا بيتاً واحداً. وسكن الكوفة وعاش عمراً طويلاً. وهو أحد أصحاب المعلقات.
(٣) - حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج الطائي القحطاني، أبو عدي, (ت ٤٦ق. هـ٥٧٧م) , شاعر جاهلي، فارس جواد يضرب المثل بجوده. كان من أهل نجد، وزار الشام فتزوج من ماوية بنت حجر الغسانية، ومات في عوارض (جبل في بلاد طيء) .
(٤) - وينسب هذا البيت لسابق البربري, والله سبحانه وتعالى أعلم.