وطَاوُسٍ مُخَالِفَانِ لهذه الزِّيَادَةِ. وقد رَوَى حَمَّادُ بنُ زيدٍ، عن هِشامِ بن عُرْوَةَ، عن أبِيه، عن عائشةَ، حديثَ حَيْضِهَا، فقال فيه: فحَدَّثَنِى (١٦) غيرُ وَاحِدٍ، أنَّ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لها:"دَعِى العُمْرَة (١٧)، وانْقُضِى رَأْسَكِ، وامْتَشِطِى". وذَكَرَ تَمَامَ الحَدِيثِ. وهذا يَدُلُّ على أنَّ عُرْوَةَ لم يَسْمَعْ هذه الزِّيَادَةَ من عائشةَ، وهو مع [ما ذَكَرْنَا من](١٨) مُخَالَفَتِه بَقِيَّةَ الرُّوَاةِ، يَدُلُّ على (١٩) الوَهْمِ، مع مُخَالَفَتِها الكِتَابَ (٢٠) والأُصُولَ، إذ ليس لنا مَوْضِعٌ آخَرُ يجوزُ فيه رَفْضُ العُمْرَةِ مع إمْكَانِ إتْمامِها، ويَحْتَمِلُ أنَّ قَوْلَه:"دَعِى العُمْرَةَ". أى دَعِيهَا بِحَالِها، وأهِلِّى بِالحَجِّ معها، أو دَعِى أفْعالَ العُمْرَةِ، فإنَّها تَدْخُلُ فى أَفْعَالِ الحَجِّ. وأمَّا إعْمارُها من التَّنْعِيمِ، فلم يَأْمُرْهَا به النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وإنَّما قالتْ للنَّبِىِّ (٢١) -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إنِّى أجِدُ فى نَفْسِى أنِّى لم أَطُفْ بِالْبَيْتِ حتى حَجَجْتُ. قال:"فَاذْهَبْ بهَا يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَأَعْمِرْهَا مِنَ التَّنْعِيمِ". ورَوَى الأثْرَمُ، بإسْنَادِهِ عن الأَسْوَدِ، عن عائشةَ، قالت (٢٢): اعْتَمَرْتِ بعدَ الحَجِّ؟ قالتْ: واللهِ ما كانت عُمْرَةً، ما كانتْ إلَّا زِيَارَةً زُرْتُ البَيْتَ، إنَّما هى مثلُ نَفَقَتِها (٢٣). قال أحمدُ: إنَّما أعْمَرَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عائشةَ حين ألَحَّتْ عليه، فقالت: يَرْجِعُ النّاسُ بِنُسُكَيْنِ، وأرْجِعُ بِنُسُكٍ! فقال:"يا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، أَعْمِرْهَا". فنَظَرَ إلى أدْنَى الحَرَمِ، فأعْمَرَها منه (٢٤). وقَوْلُ الخِرَقِىِّ:"ولَمْ يَكُنْ عليها قَضَاءُ طَوَافِ القُدُومِ". وذلك لأنَّ طَوافَ القُدُومِ سُنَّةٌ
(١٦) فى ب، م: "حدثنى". (١٧) فى الأصل: "عمرتك". (١٨) فى أ: "ذكرناه فى". (١٩) فى ازيادة: "أن". (٢٠) فى الأصل: "للكتاب". (٢١) فى ب، م: "له". (٢٢) كذا بالنسخ، وما يأتى من قول من سألها. (٢٣) لم نجده فيما بين أيدينا من كتب السنة. (٢٤) تقدم تخريجه فى صفحة ٢٤٢.