للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمضى، فمر بهم الثالثة فغمزوه بمثلها، فقال:

"أتسمعون يا معشر قريش؟ أمَا والذي نفسي بيده؛ لقد جئتكم بالذبح".

فأخذت القومَ كلمتُهُ، حتما ما منهم من رجل إلا وكأنما على رأسه طائر وقع، حتى إن أشدهم فيه وَصَاةً قبل ذلك ليرفؤه [بأحسن ما يجد من القول]، حتى إنه ليقول: انصرف أبا القاسم! راشدًا، فـ[ـواللَّه؛] ما كنت جهولًا. فانصرف رسول اللَّه .

حتى إذا كان الغد اجتمعوا في الحجر وأنا معهم، فقال بعضهم لبعض: ذكرتم ما بلغ منكم، وما بلغكم عنه، حتى إذا بادأكم بما تكرهون تركتموه.

فبينما هم في ذلك [إذ] طلع رسول اللَّه ، فوثبوا إليه وثبة رجل واحد، فأحاطوا به يقولون: أنت الذي تقول: كذا وكذا؟! لما كان يبلغهم من عيب آلهتهم ودينهم، فيقول رسول اللَّه :

"نعم؛ أنا الذي أقول ذلك".

ولقد رأيت رجلًا منهم أخذ بمجامع ردائه، وقام أبو بكر يبكي دونه ويقول: ﴿أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ﴾ [غافر: ٢٨]؟! ثم انصرفوا عنه.

فإن ذلك لأكثرُ ما رأيت قريشًا بلغت منه قط.

<<  <   >  >>