قدامة الجوهري يقرأ، فلما دفنا الميت؛ جاء رجل ضرير يقرأ عند القبر، فقال له أحمد: يا هذا! إن القراءة على القبر بدعة، فلما خرجنا من المقابر قال محمد بن قدامة لأحمد: يا أبا عبد الله! ما تقول في مبشر بن إسماعيل؟ قال: ثقة. قال: هل كتبت عنه شيئا؟ قال: نعم. قال: أخبرني مبشّر بن إسماعيل، عن عبد الرحمن بن العلاء بن الحجاج، عن أبيه، أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة وخاتمتها، وقال: سمعت ابن عمر يوصي بذلك. قال أحمد: فارجع إلى الرجل فقل له يقرأ (١).
قلت: وقد استدلّ بعض علمائنا على قراءة القرآن على القبر بحديث العسيب الرطب، الذي شقّه النبيّ ﷺ باثنين ثم غرس على هذا واحدا وعلى هذا واحدا ثم قال:«لعله أن يخفّف عنهما ما لم ييبسا» خرّجه البخاري ومسلم (٢).
وفي «مسند أبي داود الطيالسي»: «فوضع على أحدهما نصفا وعلى الآخر نصفا»، وقال:«إنه يهون عليهما ما دام فيهما من بلولتهما شيء». قالوا: ويستفاد من هذا غرس الأشجار، وقراءة القرآن على القبور، وإذا خفّف عنهم بالأشجار، فكيف بقراءة الرجل المؤمن القرآن؟ (٣).
وقد خرّج السّلفي من حديث علي بن أبي طالب ﵁، قال: قال رسول الله ﷺ: «من مرّ على المقابر وقرأ قل هو الله أحد إحدى عشرة مرة، ثم وهب أجره للأموات، أعطي من الأجر بعدد الأموات»(٤).
وروي من حديث أنس خادم رسول الله ﷺ أنه قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا قرأ المؤمن آية الكرسي، وجعل ثوابها لأهل القبور، أدخل الله تعالى في كلّ قبر مؤمن من المشرق إلى المغرب أربعين نورا، ووسّع الله ﷿ عليهم مضاجعهم، وأعطى الله للقارئ ثواب ستين نبيّا، ورفع له بكلّ ميت درجة، وكتب له بكلّ ميت عشر حسنات»(٥).
وقال الحسن: من دخل المقابر فقال: «اللهم رب الأجساد البالية، والعظام
(١) القصة أوردها الخلال في «جزء القراءة عند القبور» بإسناد ضعيف، وأوردها ابن القيم في «الروح» ص ٦٥ عن الخلال. وانظر «أحكام الجنائز» ص ٢٤٣ - ٢٤٤. وانظر أقوال أهل العلم في هذه المسألة في: «شرح الصدور ببيان بدع الجنائز والقبور» لعبد الله الحمادي ص ٥٠ وما بعدها، و «حكم القراءة للأموات» لمحمد أحمد عبد السلام. (٢) أخرجه البخاري (٢١٦) وانظر أطرافه هناك، ومسلم (٢٩٢). (٣) انظر توجيه الحديث في «فتح الباري» (١/ ٣٨٢ - ٣٨٤) و «شرح الصدور ببيان بدع الجنائز والقبور» ص ٤٢ - ٤٩. (٤) حديث موضوع؛ انظر «أحكام الجنائز» ص ٢٤٥ و «الضعيفة» رقم (١٢٩٠). (٥) لم أقف عليه.