وقولُه:(بالأَكل منها): بيانٌ للمنهي عنها المتعلِّق بالشجرة يدلُّ لذلك قوله قبل ذلك: {وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا}، فقوله:{وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ}: كالاستثناءِ من الإباحةِ العامة المفهومةِ من قوله: {حَيْثُ شِئْتُمَا}.
وقولُه:(وهي الحِنطة أو الكَرْم أو غيرهما): لم يقل دليلًا على تعيينِ الشجرة المنهي عنها أو جنسِها فلا معنى للخوض في ذلك.
وقولُه:(فتَصيرَا): لأنَّ من معاني كانَ: صار، وذلك إذا وقعتْ بعد فاءِ السببية كما هنا. وقولُه:(العاصينَ): بيانٌ لنوع الظلم، وأنه مِنْ ظلم العبد نفسَه بالمعصية لا بالكفر.
وقولُه:(إبليسُ أذهبَهما): فسَّرَ الشيطانَ بإبليس الذي امتنعَ من السجود لآدم، وأَزَلَّهُمَا أذهبهما، فالمعنى: أذهبَهما إبليس عن الجنة فصار لعدوِّهما اسمانِ: إبليس والشيطان، وإبليسُ من الإبلاس، وهو: اليأسُ من رحمة الله (١)، والشيطان قيل: مِنْ شاط، وقيل: مِنْ شَطَنَ (٢).
وقولُه:(وفي قراءةِ: {فَأَزَالَهُمَا} نحَّاهما): قلتُ: القراءتان متقاربتان لفظًا ومعنى، على ما ذكره المؤلِّف في معنى «أَزَلَّهُمَا» قال: أذهبَهما، والصوابُ أنَّ معناهما مختلفٌ؛ «فأزَّلَهُمَا» مِنْ الزَّلل، و «أزالهما» من الإزالة.
وقولُه:(أي: الجنة … ) إلى آخره: بيَّن مَرْجِعَ الضميرِ في قوله تعالى: {عَنْهَا}، ثم ذكر المؤلِّف رحمه الله حيلةَ الشيطان في إخراج آدم وزوجِه من الجنة، وذلك مبيَّن في سورة الأعراف وطه، ففي الأعراف قوله تعالى:{فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا … }[الأعراف: ٢٠] إلى قوله: {فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ}[الأعراف: ٢٢]، وفي سورة طه: قوله تعالى: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى * فَأَكَلَا مِنْهَا .. } الآية [طه: ١٢١، ١٢٠].