بعث إليهم، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به (١)، والآية عامة لكل عهدٍ من الله، والأول هو المناسب لسببِ النزول (٢).
وقولُه:(توكيدِهِ عليهم): أصل الميثاق: العهدُ المؤكَّدُ، لكنه هنا اسم مصدر؛ بمعنى: التوثيق؛ فالمعنى: ينقضون عهد الله من بعد توكيدِه عليهم.
وقولُه:(مِنْ الإيمان بالنبي والرَّحمِ وغيرِ ذلك): هذا بيانٌ من المؤلِّف للمراد بالموصول في قوله تعالى: {مَا أَمَرَ اللَّه بِهِ} أي: يقطعون الذي أَمر الله بوصلِه.
وقولُه:(و «أنْ» بدلٌ مِنْ ضميرِ «به»): يريد أنَّ المصدر المؤول مِنْ «أن» والفعل بدلٌ من الضمير المجرور في «به» فيكون التقدير: أمر الله به بأن يوصل؛ أي: بوصلِه.
وقولُه:(بالمعاصي والتعويقِ عن الإيمان): يريد أنَّ الإفساد في الأرض يكون بمعاصي الله والصدِّ عن سبيله.
وقولُه:(الموصوفونَ بما ذُكِرَ): يريد أنَّ اسم الإشارة: {أُولَئِكَ} راجعٌ إلى الموصوفين بنقضِ عهد الله، وقطعِ ما أمر الله بوصله.
وقولُه:(لمصيرِهم إلى النارِ المؤبَّدةِ عليهم): هذا تعليل، فالمعنى: أنهم خسروا لمصيرهم إلى النار، وقد دلَّ القرآن على الذي خسروه، وهو أنفسهم وأهلوهم؛ قال تعالى:{قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}[الزمر: ١٥]، فهذا هو الخسران المذكور في هذه الآية، والله أعلم.
* * *
(١) نسبه ابن الجوزي في «زاد المسير» (١/ ٤٨) لابن عباس ومقاتل، واختاره الطبري في تفسيره (١/ ٤٣٦ - ٤٣٧) بعد أن ساق الأقوال، ولم ينسبها. (٢) ينظر: «تفسير الطبري» (١/ ٤٣٥ - ٤٥٧)، و «المحرر الوجيز» (١/ ١٥٨ - ١٥٩)، و «تفسير ابن كثير» (١/ ٢١٠).