وقيل: إنه غيره، وهو موضعُ قدمي الربِّ تعالى، وروي هذا عن ابن عباسٍ أَيضًا كما تقدَّم، وله شواهدُ، وهو المشهورُ عند أهل السنَّةِ (٢).
وقولُه تعالى:{وَلَا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا}: الأَوَدُ: المشقةُ (٣)؛ فالمعنى: لا يشقُّ عليه حفظهما، ولا يُثقله، ونفي الأَوَدِ عنه يدلُّ على كمال قوَّته سبحانه وتعالى.
وقوله: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيم (٢٥٥)}: خُتمت هذه الآيةُ بذكر هذين الاسمين؛ وهما: العليُّ العظيمُ، كما افتتُحت بذكر اسمين من أَسماء الله الحسنى؛ وهما: الحي القيوم، فتضمَّنت الآيةُ أَربعةً من أَسماء الله الحسنى عدا الاسم الجامع الله.
وفيها إِثباتُ كمال ملكه؛ لقوله:{لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ}، ومن كمال مُلكِه أَلَّا يشفع أَحدٌ إِلَّا بإذنه.
(١) قال الذهبي في «العرش» (١/ ٣٥٢): «وهذا القول في الكرسي نقل عن كثير من الصحابة والتابعين، منهم: ابن مسعود، وأبو موسى الأشعري، ومجاهد، وغيرهم». وينظر: «أصول السنة» لابن أبي زمنين (ص ٥٤)، و «بيان تلبيس الجهمية» (٨/ ٣٦٣ - ٣٦٥)، و «شرح العقيدة الطحاوية» (٢/ ٣٦٨ - ٣٧١). (٢) تقدم، وينظر أيضًا الخلاف في: «تفسير الطبري» (٤/ ٥٣٧ - ٥٤٢)، و «تفسير ابن أبي حاتم» (٢/ ٤٩٠ - ٤٩٢)، و «تفسير البغوي» (١/ ٣٢١ - ٣١٣)، و «المحرر الوجيز» (٢/ ٢٦ - ٢٨)، و «تفسير ابن كثير» (١/ ٦٨٠ - ٦٨١). (٣) ينظر: «المفردات» للراغب (ص ٩٧ - ٩٨).