تعالى:{فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ}، ويدخل في الذكر صلاةُ المغرب والعشاء فيها وصلاة الفجر.
وقوله تعالى:{وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ}: تأكيدٌ للأمر بالذكر عند المشعر الحرام؛ أي: اذكروا الله شكرًا على نعمته بهدايته إياكم لدين الإسلام وشرائعه، ومناسك الحج التي هي من ملة إبراهيم عليه السلام.
وقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّين (١٩٨)}: أي: وإنكم كنتم قبل هدى الله إياكم من الضالين عن طريق الحق.
وقوله تعالى:{ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}: قيل: المراد «الإفاضة» من عرفة، وهو قول جمهور المفسرين، وحكى ابن جرير الإجماع عليه، وقيل: المراد «الإفاضة من مزدلفة» صبح يوم النحر، وهذا هو ظاهر القرآن لولا أنه خلاف قول الجمهور من المفسرين (١).
والمراد بالناس: جمهور الناس؛ وهم من عدا قريش، فقد كان جمهورُ الناس يقفون بعرفة، وقريشٌ تقف باليوم التاسع بالمزدلفة، ويقولون: نحن أهلُ الحرم لا نخرج منه، وهذا من بدعهم في الحج، فإنهم خالفوا سنَّةَ إبراهيم عليه السلام فقد كان يقف بعرفة، ولذا قال بعض المفسرين: المراد بالناس إبراهيمُ عليه السلام (٢)، وعلى هذا يكون من العام الذي أُريد به الخصوص؛ كقوله تعالى:{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ}[آل عمران: ١٧٣].
(١) ينظر: «تفسير الطبري» (٣/ ٥٢٥ - ٥٣٢)، و «المحرر الوجيز» (١/ ٤٨٩ - ٤٩٠)، و «البحر المحيط» (٢/ ٣٠٠ - ٣٠٢)، و «تفسير ابن كثير» (١/ ٥٥٥ - ٥٥٦)، و «أضواء البيان» (١/ ١٦٦ - ١٦٧). (٢) وهو قول الضحاك، ومال إليه ابن جرير الطبري، فبعد أن حكى أقوالًا للسلف أن الناس هم قريش والإفاضة من عرفات؛ قال: «ولولا إجماع من وصفت إجماعه على أن ذلك تأويله لقلت: أولى التأويلين بتأويل الآية ما قاله الضحاك». «تفسير الطبري» (٣/ ٥٣٠ - ٥٣١)، وهذا مبني على ما سبق. ينظر المصادر السابقة.