وقولُه:(المحرم مقابل … ) إلى آخره: يُبيِّنُ أَنَّ معنى حرام: محرم، والشهرُ الحرامُ أَحدُ الأشهر الحُرمِ، والمراد: إمَّا جنسُ الأشهر الحُرم الأربعةِ، وإمَّا واحدٌ معيَّنٌ منها؛ كذو القعدة الذي جرت فيه مقاصة المشركين بدخول مكة في السنة السابعة في مقابل صدِّهم المسلمين في السنة السادسة؛ فالمعنى: مَنْ قاتلكم في الشهر الحرام؛ فقاتلوه فيه أو في شهرٍ مثله، وهذا من القصاص في حرمة الزمان؛ كالقصاص في حرمة المكان المذكور في قوله تعالى:{وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ … } الآية.
وقولُه:(رد لاستعظام المسلمين ذلك): يريد أَنَّ إباحةَ القتالِ في الشهر الحرام وفي الحرم قصاصًا دفعٌ لتحرُّجِ المسلمين من ذلك.
وقولُه:(سمَّى مقابلته … ) إلى آخره: يريد: قوله: {فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ}، وهو في الحقيقة ليس اعتداء؛ بل مجازاةً وقصاصًا؛ يقول المؤلف: سماه اعتداء؛ لأنه يُشبه اعتداء المشركين في الصورة؛ لأَنَّ كلًا منهما قتلٌ وقتالٌ، وقال بعضهم: إنه من قبيل المشاكلةِ اللفظيةِ (١)، وقال بعضهم: إنه مجازٌ مرسَلٌ علاقته السببية؛ لأنه من التعبير بالسبب عن المسبب (٢).
وقولُه:(في الانتصار … ) إلى آخره: خصَّ الأمرَ بالتقوى بما ذكر وإن كان عامًّا؛ ليناسب ما قبله.
وقولُه:(بالعون والنصر): هذا يُبيِّنُ أَنَّ المعيةَ هي المعيةُ الخاصة.
وقولُه:(طاعته … ) إلى آخره: هذا بيانٌ للمراد بسبيل الله، وأَنَّ كلَّ طاعةٍ هي من سبيل الله، وقد غلبَ على هذا الوصف -أعني: في سبيل الله- أَنَّ المرادَ به الجهادُ بقتال الكفار، وكلُّ جهادٍ أو نفقةٍ في طاعة الله فهو في سبيل الله.
(١) تقدم (ص ٥٠). (٢) ينظر: «غريب القرآن» لابن قتيبة (٧٦)، و «المفردات» (ص ١٧٣).