وقولُه:(عنهم): يشيرُ إلى أنَّ الباءَ بمعنى: «عن»؛ في قوله:{بِهِمِ}، وهذا يقتضي أنَّ {تقطَّعَتْ} ضُمن معنى ذهبتْ أو زالتْ، وقيل: الباء للملابسة، وهذا يقتضي تشبيهَ الأتباعِ والمتبوعين بقومٍ متمسِّكين بحبال ليَنجوا فانقطعتْ بهم فهلكوا، ذكره ابنُ عاشور ورجَّحه (١).
وقولُه:(الوُصَل … ) إلى آخره: يُبيِّنُ أنَّ الأسبابَ التي تقطَّعتْ بهم في ذلك اليوم هي الأسبابُ التي كان يتواصلون بها في الدنيا من المُوادَّةِ والقرابةِ وغيرها من الصِّلات التي تكون بين الناس.
وقولُه:(ولو للتَّمنِّي): يعني أنها ليست شرطيَّةً فلا تحتاج إلى جواب.
وقولُه:(ونتبرأُ جوابه): في هذا نظر؛ فقوله:(فنتبرأ) من جملة المُتمنَّى لا جواب لِـ «لو».
وقولُه:(كما أراهُم … ) إلى آخره: يُبيِّن بما ذكر معنى: كذلك، وهو أَّن الكاف للتشبيه، وأنَّ اسمَ الإشارة يعودُ إلى أنَّ الله أراهُم النار؛ فالمعنى: كما أراهم الله النارَ يُريهم أعمالَهم، وتكون عليهم حسرات، والحسرةُ: شدَّةُ الندمِ والحزنِ، وأشدُّ ما تكون حسرتُهم إذا ذُبِحَ الموت، وقيل لهم:((يا أهل النار خلودٌ ولا موت)) (٢)، ولهذا قال تعالى:{وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ}.
* * *
(١) ينظر: «التحرير والتنوير» (٢/ ٩٨). (٢) أخرجه البخاري (٤٧٣٠)، ومسلم (٢٨٤٩) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.