فلا مُستعانَ على الأمور كلِّها إلَّا الله، وتقديمُ العبادة على الاستعانة؛ قيل: هو من تقديم الغايةِ على الوسيلة (١).
والعبادةُ هي: كمالُ المحبةِ مع كمال الذلِّ (٢)، وهي: أيضًا اسمٌ جامعٌ لكلِّ ما يُحبُّه اللهُ ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة (٣).
والاستعانةُ: طلبُ العون كما يفيد ذلك: «السين والتاء»؛ كالاستعاذة والاستغفار.
ويحسنُ التنبيهُ إلى أنَّ مضمونَ الآيات الثلاث - وهو ما تدلُّ عليه من أسماء الله وصفاته - هو المقتضي لما تدلُّ عليه الآية الرابعةُ من التوحيد في العبادة والاستعانة.
وفي الآية الرابعةِ انتقالٌ من الغيبة إلى الخطاب، وهو ما يُسمَّى عند البلاغيين التفاتًا، وفي الحديث القدسي:((فإذا قال العبد: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، قال الله: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل))، ومعنى ذلك: أنَّ العبادةَ لله والعونَ للعبد من الله.
* * *
(١) ينظر: «مجموع الفتاوى» (١٠/ ٢٨٤)، و «مدارج السالكين» (١/ ١١٧). تنبيه: في بعض كتب التفسير في هذا الموضع مخالفات عقدية، والكلام عن الاستطاعة هل هي قبل الفعل أو معه، ونحو ذلك؛ فلينتبه. (٢) «مجموع الفتاوى» (١٠/ ١٩، ٥٦، ١٥٣، ٢٥١)، و «مدارج السالكين» (١/ ١١٥ - ١١٦)، و «التدمرية وشرحها» (ص ٤٨١). (٣) ينظر: «مجموع الفتاوى» (١٠/ ١٤٩)، و «شرح التدمرية» لشيخنا (ص ٤٨١).